بات الحزبان السياسيان الرئيسيان في الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من ترشيح كل منهما مرشحه رسيمًا لمنصب الرئيس. إذ يعقد الجمهوريون هذا الأسبوع المؤتمر الحزبي الخاص بهم. أما الديمقراطيون بدورهم فسوف ينعقد المؤتمر الحزبي الخاص بهم في الأسبوع المقبل.
وإذا كنت من الملايين الذين سوف يشاهدون ويستمعون إلى وقائع المؤتمرين، وما يجري فيها من هرج ومرج، فمن المرجّح أن تجول بخاطرك بعض الأسئلة.
لماذا تعقد المؤتمرات القومية السياسية الحزبية؟
لقد تطوّرت المؤتمرات القومية السياسية الحزبية في الولايات المتحدة على مدى أكثر من قرن من الزمن، لكن الغرض بقي هو نفسه: اختيار المرشحين الرئاسيين، وتحديد أهداف وأولويات الحزب.
عُقد أول مؤتمر سياسي حزبي سنة 1831 عندما اجتمع الحزب المناهض للماسونية في قاعة كبيرة بمدينة بولتيمور لاختيار مرشحيه ووضع البرنامج الذي سيخوضون الانتخابات على أساسه. واجتمع الديمقراطيون في السنة التالية في القاعة نفسها لاختيار مرشحيهم. ومنذ ذلك الحين، كانت الأحزاب الرئيسية ومعظم الأحزاب الصغيرة تعقد مؤتمرات قومية حزبية لتعيين مرشحيها، وكان يحضرها مندوبو الولايات لاختيار مرشحيهم لمنصب الرئيس ونائب الرئيس، وللاتفاق على المواقف السياسية.

ونظرًا لأنه يجري في الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية الآن تحديد لمَن سوف يصوّت المندوبون، فقد بات يعرف المرشح الرئاسي للحزب عادة قبل أشهر من عقد المؤتمر؛ وبات التصويت على الترشيح في المؤتمر القومي للحزب مجرّد إجراء شكلي، ولكن هذا التقليد لا زالت له أهميته الخاصة. فهو بمثابة فرصة لتقديم مرشح الحزب رسميًا، وإظهار وحدة الحزب وإيذانًا ببدء حملة الانتخابات العامة.
متى وأين يتم عقد المؤتمرين الحزبيين في العام 2016؟
سوف يعقد الجمهوريون مؤتمرهم الحزبي في مدينة كليفلاند خلال الفترة من 18 إلى 21 تموز/يوليو. أما الديمقراطيون فسيعقدون مؤتمرهم الحزبي خلال الفترة من 25 تموز/يوليو إلى 28 منه في مدينة فيلادلفيا. ومن المقرّر أن يتوجه إلى كل من هاتين المدينتين ما يزيد عن 50 ألف شخص- بمن فيهم أعضاء الحزب، والمندوبون والصحفيون، وقوات الأمن ومقدّمو الخدمات الآخرون، وأن يجلبوا معهم ملايين الدولارات في صورة عائدات.
ما هو البرنامج المعتاد للمؤتمر؟
يختلف البرنامج في كل سنة وبالنسبة لكل حزب. لقد غيّر دخول التلفزيون العديد من تقاليد المؤتمرات- فالأحزاب تحدد الآن مواعيد أكبر الأحداث وأبرز المتحدثين لديها خلال ذروة ساعات مشاهدة التلفزيون (من الثامنة مساءً لغاية الحادية عشرة ليلا، بتوقيت الساحل الشرقي).
يعقد القادة والمندوبون طيلة الأسبوع، اجتماعات غير رسمية أو اجتماعات لجانٍ رسمية بعيدًا عن الأنظار. أما بالنسبة لنشاطات المؤتمر الرسمية بدرجة أكبر، فكثيرًا ما تبقى الخطط غير نهائية حتى آخر دقيقة، لكن في ما يلي برنامج تقريبي لما يمكن أن يحصل:
اليوم الأول: يدعو رئيس الحزب المؤتمر الحزبي إلى الانعقاد رسميًا ويُلقي أهم القادة المحليين خطابات الترحيب. ثم تجتمع لجان القوانين الداخلية لوضع اللمسات الأخيرة على المسائل الإجرائية، مثل أوراق اعتماد المندوبين. ويلقي أعضاء بارزون في الحزب، مثل الرئيس الحالي أو أولئك الذين يُعرّفون “بالنجوم الصاعدة“، خطبهم خلال المساء. أحد النجوم الصاعدة الذي خطب في المؤتمر القومي الديمقراطي سنة 2004 كان المرشح لعضوية مجلس الشيوخ آنذاك باراك أوباما.

اليوم الثاني: تتواصل أعمال اللجان الروتينية. يجتمع قادة الحزب ليضعوا البرنامج السياسي الختامي للحزب، وهو بيان حول فلسفات الحزب السياسية وأهدافه للسنوات الأربع القادمة. تقوم بصياغة البرامج عادة لجنة قبل المؤتمر، لكن هذه المسودة تكون مفتوحة للنقاش وللتعديل خلال المؤتمر. ويتم إلقاء المزيد من الخطب في المساء.
اليوم الثالث: قد يمتد النقاش حول البرنامج السياسي أحيانًا حتى هذا اليوم، لكن الحدث الأساسي يكون عملية الإعلان الرسمي للمرشح الرئاسي. يقدم أحد أعضاء الحزب اقتراح الترشيح، ويؤيد عضو آخر الاقتراح، وعندها تبدأ عملية التصويت فيدعى وفد كل ولاية بدوره للإدلاء بأصوات أعضائه. وبما أن معظم أصوات المندوبين يكون مرتبطًا (أو ملتزمًا) بمرشح مُعيّن، بناء على نتائج الانتخابات التمهيدية أو الانتخابات الحزبية المغلقة، نادرًا ما يشكل التصويت مفاجأة يكون هناك اعتراض عليه. خلال الأعوام الأخيرة، كان المرشح الذي يختاره المرشح الرئاسي لمنصب نائب الرئيس يتحدث في المساء.
اليوم الرابع: تم الآن تعيين المرشح لنائب الرئيس رسميًا. وذروة نشاطات الأيام الأربعة الأخيرة تحدث في المساء، عندما يقوم المرشح الرئاسي بإلقاء خطاب قبوله الترشيح. سنة 2008، اختار المرشح الرئاسي عدم إلقاء خطاب قبوله من داخل قاعة المؤتمر. وبدلا من ذلك، تحدث باراك أوباما من ملعب قريب لكرة القدم ضم حشدًا أكبر بكثير من الحشد الذي كان موجودًا في موقع المؤتمر.