رسوم الوشم العنصري التي كانت تغطي جسم كريستيان بيتشيوليني في يوم ما، أصبحت الآن مغطاة بالحبر، ولكنه احتفظ حول ساعده برسوم مكوّنة من الأبجدية الرونية التي كانت تستخدم في اللغات الجرمانية قبل اعتماد الأبجدية اللاتينية، وهي رموز قديمة كانت تستخدمها في بعض الأحيان الجماعات العنصرية والمعادية للسامية.
يقول كريستيان، البالغ من العمر 42 عامًا، “في بعض الأحيان، كان يقترب مني أحدهم ويقول: هذا الوشم رائع. أنا أفهم ما هو ذلك”. ويضيف، “هذه هي بطاقة دخولي لمواجهة أيديولوجيتهم”.
بيتشيوليني هو أحد مؤسسي منظمة الحياة بعد الكراهية، وهي منظمة لا تبغي الربح تضم متطرّفين سابقين وتعمل “لمواجهة بذور الكراهية التي زرعناها في أحد الأيام”. وهذه المجموعة تساعد الذين تركوا المجموعات المتطرّفة والذين يرغبون في تركها.
منذ أن كان عمره 14 سنة أثناء نشأته في مدينة شيكاغو حتى بلوغه عمر 22 سنة، كان بيتشيوليني عضوًا في مجموعة حليقي الرؤوس النازيين الجدد. وكان يغني في فرقة موسيقية من الفرق التي عُرفت باسم (Punk Rock) وهي نوع من موسيقى الروك التي ظهرت ما بين العامين 1974 و1976 – وكانت تتبنى فكرة تفوّق العرق الأبيض، وشارك في أعمال عنف ضد أناس كان يعتقد أنهم أقل شأنًا.
ويقول بيتشيوليني، إذا كان عمر 14 سنة صغيرًا جدًا للانخراط في إحدى مجموعات الكراهية، فهذا بالضبط هو العمر الذي يستهدفه المتطرّفون. ويتابع، “مجنّدو الأعضاء الجدد يجدون مثل هؤلاء الأطفال المهمّشين، الضعفاء الذين يحاولون تكوين شخصية ويعلمونهم كيف يوجّهون أصابع الاتهام إلى الآخرين عن مشاكل يواجهونها هم في حياتهم”.

وبعد انخراطه بدرجة أعمق في المجموعة المتطرّفة، ترقى بيتشيوليني ليصبح قائدًا، وأصبح يمثل حليقي الرؤوس على شاشات التلفزيون ويقود المسيرات لمساعدتهم على نشر رسالتهم. وافتتح متجر اسطوانات يبيع موسيقى عنصرية.
وفي هذه الأثناء، كان والداه، المهاجران اللذان اختبرا التعصّب عندما قدما إلى أميركا، يحاولان عبثًا أن يفهما كيف كان ممكنًا إغواء ابنهما بمثل هذه الأفكار.
قال بيتشيوليني عن والديه “كنت أعتقد بالتأكيد أنني أكثر تناغمًا بكثير مع الزمن منهما وأذكى منهما بكثير– وأنهما يتعرّضان للخداع. بينما في الواقع كنت أنا من تعرّض للخداع”.
بعد أن تزوج بيتشيوليني ورُزق بأطفال، تحرّر فكره من أوهام التطرّف. احتاج إلى سنوات لتخليص نفسه. ونتيجة ذلك، خسر شركة أعماله، وتلقى تهديدات بالقتل من أصدقائه السابقين.
ثم هجرته زوجته لأنه لم يتحرّر من تلك الأفكار في وقت أبكر. وغرق في الاكتئاب وتعاطي المخدرات.
بعد وقت من العمل في وظيفة مؤقتة في مدرسته السابقة، لمح حارسًا أمنيًا كان قد اعتدى عليه سابقًا واستجمع شجاعته للاقتراب منه والاعتذار. تبادل الحارس معه أطراف الحديث وحصل منه على وعد. “جعلني أقطع وعد بأن أحكي قصتي لأي إنسان يستمع إليّ”.
وهذا ما قاد بيتشيوليني إلى الانخراط مع منظمة الحياة بعد الكراهية في العام 2009. وفي العام 2015، نشر بيتشيوليني قصته العنف الرومانسي: مذكرات حليق رأس أميركي.
سوف يسافر بيتشيوليني في أيلول/سبتمبر إلى سلوفاكيا والنرويج والسويد بصفة متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للتحدث عن قصة تخلّصه من أيديولوجية التطرّف.
غير أنه لا يزال منخرطًا في الموسيقى، ولكن بطريقة مختلفة. فهو منتج لبرامج تلفزيونية وأشرطة فيديو موسيقية، حائز على جائزة إيمي. وتمكّن من إحداث تحوّل في حياته وإعادة بناء علاقات مهمة كانت قد تدمّرت بسبب وقوعه في براثن التطرّف.
وختم قائلًا، “تربطني علاقة رائعة مع والديّ الآن. لو لم يقفا إلى جانبي خلال كل تلك الأوقات الصعبة، لا أدري إن كنت سأصل إلى ما أنا عليه الآن”.