ماذا لو كنت تستطيع أن تقرأ أي صحيفة بأي لغة؟ أو أن تسافر إلى الخارج دون أن ينتابك القلق حول ارتكاب أخطاء في قراءة اللافتات أو قوائم الطعام؟ قد تلتمس بعض العون في خدمات الترجمة الموجودة بالفعل على شبكة الإنترنت منذ سنوات عديدة، لكن تلك الترجمة كانت دائمًا غريبة بعض الشيء، كما أنها لم تكن تتسم أبدًا بالدقة الكافية.
لم يعد الأمر كذلك بعد الآن.
ثمة اختراقات جديدة من شركتي غوغل وبايدو من شأنها أن تحطّم الحواجز اللغوية بين البلدان والثقافات. وفي الواقع، فإن التقنية الجديدة التي تسمى الآلة القادرة على التعلُّم، لا تجعل خدمات الترجمة عبر الإنترنت أكثر دقة فحسب، وإنما في الواقع تسمح لأجهزة الحاسوب نفسها بالتعلُّم وتحسين قدراتها.
لماذا يعتبر الأمر مهمًا؟
وفقا لموقع غوغل، فإن ما يقرب من نصف مواقع شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية. ولكن 20% فقط من مستخدمي الإنترنت يفهمون الإنجليزية بطلاقة بما يكفي لاستخدامها. وهذا يعني أن أداء وظيفة الترجمة بشكل أفضل سيمكّن مليارات الناس من الوصول إلى مصادر إخبارية لا تعد ولا تحصى ومحتوى إنترنت غير محدود.
لكن للترجمة استخدامًا أكثر إلحاحًا كذلك. فقد لاحظت شركة غوغل في الآونة الأخيرة “زيادة قدرها خمسة أضعاف في معدل الترجمة بين اللغتين العربية والألمانية،” وفقا لساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل. ومعروف أن ألمانيا قد استوعبت أكثر من مليون لاجئ في السنوات الأخيرة، ولذا فالقدرة على استخدام اللغة أمر حيوي في العثور على عمل والاندماج في المجتمع.
وحتى الآن، فقد وضعت شركة غوغل برمجيات الآلة القادرة على التعلّم للترجمة بين اللغات الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية والألمانية والصينية واليابانية والكورية والتركية. وسيتم تطبيق المزيد من اللغات كل شهر.
كيف تعمل هذه البرمجيات؟
حتى وقت قريب، كانت برامج الترجمة تتناول قطعًا صغيرة من الجملة التي تحاول ترجمتها، وتبحث عن الكلمات في قاموس مقيّم بطريقة إحصائية، ثم تستخدم مجموعة من القواعد لمعرفة أين ينبغي أن يكون موضع كل كلمة في الجملة.
أما الآن، باستخدام تقنية الآلة القادرة على التعلّم، فإن البرمجيات تستكشف العلاقات بين الكلمات، ثم يُستخدم نظام الحلول الحسابية بإيجاد شبكة معقدة من العلاقات فيما بينها. وبعد ذلك، بينما يستخدم الناس برنامج الترجمة، فإن الحاسوب يقوم بمعالجة البيانات وإيجاد أنماط لغوية تعمل على تحسين ترجماته.
تقنية الآلة القادرة على التعلّم تشكّل ملامح المستقبل
إن صميم تقنية الآلة القادرة على التعلّم هو تعليم الحواسيب كيفية إيجاد الأنماط. وهذا يعني أن مفهوم الآلة القادرة على التعلّم لن يعمل فقط في حقل الترجمة. إن تعليم الحواسيب كيفية استكشاف الأنماط سيكون له عدد غير محدود تقريبًا من التطبيقات، بدءّا من تحسين السيارات ذاتية القيادة ووصولًا إلى اكتشاف الأورام في التصوير الطبي من أجل القضاء على السرطان في مرحلة مبكرة.
بيد أن المهم الآن هو أن تحسين الترجمة إنما يشكّل خطوة كبيرة إلى الأمام في ربط العالم وجعله أكثر قربًا، وفي مساعدة الناس على التواصل.