العقوبات الدولية تؤتي ثمارها: روسيا تشعر بضغوط اقتصادية

People walking past screen showing currency exchange rates (© Dmitri Lovetsky/AP Images)
تقول دراسة جديدة إن تضخيم قيمة الروبل، مقارنة بالدولار الأميركي، كما يظهر على شاشة في سانت بطرسبرغ، روسيا، هي إحدى الطرق التي يخفي بها الكرملين آثار العقوبات الدولية على الاقتصاد الروسي. (© Dmitri Lovetsky/AP Images)

أدت عمليات انسحاب الشركات التجارية والعقوبات المفروضة ردًا على الحرب الجائرة التي شنها الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا إلى إضعاف الاقتصاد الروسي بشدة، على الرغم من ادعاءات بوتين وإحصاءات الكرملين الاقتصادية التي تنص على خلاف ذلك.

وكان أكثر من 30 دولة قد فرضت عقوبات على روسيا، إذ خفضت واردات الطاقة، وعطلت المعاملات المالية، وأوقفت شحنات الواردات الرئيسية، مثل أشباه الموصلات وغيرها من الأجهزة والمواد الإلكترونية. ونتيجة لذلك، أوقفت أكثر من 1000 شركة أجنبية عملياتها في روسيا.

في غضون ذلك، انخفضت الواردات إلى روسيا بأكثر من 50٪ هذا العام. وقد انخفض إنفاق المستهلكين، وبات بوتين يعاني من عجز في الميزانية. بلا شك، يواجه الاقتصاد الروسي تداعيات هائلة من حرب بوتين الفظيعة مع أوكرانيا. لكن آلة الدعاية في الكرملين تعمل على أشدها لرسم صورة وهمية للاستقرار الاقتصادي.

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن للصحفيين في 27 تموز/يوليو في واشنطن “إن موسكو تنتقي البيانات الاقتصادية لدعم إصرار الرئيس بوتين على أن كل شيء على ما يرام وأن الاقتصاد الروسي يسير بقوة. هذا ببساطة ليس صحيحًا.”

ويوضح تحليل اقتصادي حديث أجرته كلية الإدارة ومعهد القيادة التنفيذية بجامعة ييل الخسائر الاقتصادية الحقيقية المترتبة على العقوبات الدولية وانسحاب الشركات التجارية. في ما يلي بعض الحقائق الأساسية التي تكشف زيف خرافات الكرملين الأخيرة حول الاستقرار والأداء الاقتصاديين في البلاد.

Photo of shuttered McDonald’s restaurant in Russia and statistics demonstrating weakened Russian economy (Photo: © Ivan Gran/Shutterstock.com)
(State Dept./M. Gregory)

خرافة: روسيا تستطيع ببساطة إعادة توجيه صادرات الغاز الطبيعي إلى آسيا.

حقيقة: البنية التحتية للطاقة في روسيا تحدّ من التحول إلى آسيا.

إن تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى دول غير أوروبية ليس خيارًا لروسيا على المدى القريب. إذ إن أكثر من 90٪ من الغاز الروسي يتم نقله عبر خطوط الأنابيب، ومعظم خطوط الأنابيب الروسية تتصل بالأسواق والمصافي في أوروبا.

خرافة: الاقتصاد الروسي والاستهلاك المحلي قويان.

حقيقة: الضغط الاقتصادي يحدّ من قدرة الروس على الوصول إلى السلع الدولية.

شهدت روسيا انسحاب الشركات العالمية والعلامات التجارية الفاخرة، وخسارة العديد من أفضل وألمع عمالها نتيجة للعقوبات. وقال مؤلفو دراسة جامعة ييل في مجلة فورن بوليسي، إن مبيعات السيارات الأجنبية في روسيا تراجعت بنسبة 95٪ تقريبًا. ووجد تحليلهم أن هروب الاستثمار الأجنبي أدى إلى نزوح جماعي لنحو 500 ألف شخص، معظمهم من العمال ذوي المهارات العالية والمتعلمين.

لقد خلقت العقوبات، جنبًا إلى جنب مع انسحاب الشركات التجارية والمواهب، ما يُعرف بتأثير الدومينو أو مفعول التداعي على الاقتصاد، والذي سينمو ويتضاعف بمرور الوقت. وفي الوقت نفسه، انخفض الإنفاق الاستهلاكي ومبيعات التجزئة بنحو 20٪ في العام الماضي.

خرافة: روسيا تستبدل بالواردات التي انخفضت من الغرب واردات من آسيا.

حقيقة: واردات روسيا انخفضت بنسبة 50٪، بما في ذلك الواردات من الصين.

في حين انخفضت واردات روسيا بشكل عام بأكثر من 50٪ هذا العام، انخفضت قيمة الواردات من جمهورية الصين الشعبية أيضًا بشكل كبير، حيث انخفضت من أكثر من 8.1 بليون دولار شهريًا إلى 3.8 بليون دولار في الفترة من كانون الثاني/يناير إلى نيسان/إبريل 2022، وفقا لما ذكره مؤلفو الدراسة.

ويعني نقص الإمدادات المستوردة أنه يجب على المصنعين الروس إعادة تدوير المكونات التكنولوجية التي لا يمكنهم إنتاجها محليًا. وقامت روسيا باستخدام الرقائق الإلكترونية الدقيقة المأخوذة من الثلاجات والغسالات في المعدات العسكرية. وفي الداخل، يعمل مديرو المشتريات على تقليل الطلبات الجديدة ويفتقر المستهلكون إلى الوصول إلى المنتجات التي كانت ذات يوم جزءًا من حياتهم.

أعلاه، تغريدة لوزارة الخارجية الأميركية تقول: ’الوزير بلينكن: على الرغم من أن الكرملين يعمل على أشده لرسم صورة للاستقرار الاقتصادي، فإن الحقائق تظهر خلاف ذلك. التأثير القوي للعقوبات سوف يتزايد ويتفاقم بمرور الوقت.‘

خرافة: الكرملين لديه الكثير من الأموال المتاحة ويمكنه الاعتماد على الاحتياطيات النقدية.

حقيقة: احتياطيات بوتين المستنفدة لا يمكن أن تدعم الاقتصاد الروسي.

لقد أتاحت صادرات الطاقة الروسية السابقة للكرملين تكديس ثروة سيادية كبيرة. والآن تم تجميد نصف هذه الأموال في الخارج، وذلك بفضل القيود التي فرضتها الولايات المتحدة واليابان والشركاء الأوروبيون ردًا على عدوان بوتين المستمر.

لقد انخفضت قيمة احتياطيات النقد الأجنبي المتبقية لبوتين بمقدار 75 بليون دولار منذ الغزو في 24 شباط/فبراير. وبينما يدعي بوتين أن الروبل لا يزال قويا، يُظهر تحليل جامعة ييل أن الكرملين يضخم العملة الروسية بشكل مصطنع من خلال قيود “تجعل من المستحيل فعليًا على أي مواطن روسي شراء الدولارات بشكل قانوني أو حتى الوصول إلى معظم ودائعه الدولارية.”

وخلص المؤلفون إلى أن “العناوين الرئيسية التي تحاول إظهار أن الاقتصاد الروسي قد انتعش هي ببساطة ليست واقعية. فالحقائق هي أن الاقتصاد الروسي، بأي مقياس وعلى أي مستوى، يترنح.”

وعلى الرغم من إصرار بوتين على أن كل شيء على ما يرام، فإن الحقائق تُظهر خلاف ذلك. فالخسائر الاقتصادية المترتبة على العقوبات حقيقية وجسيمة.