رغم أنه لم يكن التجمّع الأول من نوعه، إلا أنه جاء مختلفًا في الشكل والمضمون، وربما النتائج أيضًا هذه المرة. المؤتمر العالمي لقمة الحكومات الحدث السنوي الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة للمرة الرابعة في دبي خلال الفترة من 8 إلى 10 فبراير/شباط 2016.

شارك في المؤتمر 125 دولة من جميع أنحاء العالم، وتجاوز عدد المتحدثين الرئيسيين فيه أكثر من 125 شخصية عالمية كان بينهم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء فيها وحاكم دبي، ويان إلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة، ونائب رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، والأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خوسيه أنخيل جوريا.
كان شعار المؤتمر “استشراف حكومات المستقبل”، وشمل جدول أعمال القمة موضوعات متعدّدة حول التعليم والصحة والاقتصاد وسوق العمل، كان من بينها: استشراف مدن المستقبل، هل ستسيطر الروبوتات على العالم، ماذا بعد طباعة الأعضاء البشرية، هل سيكون سن التقاعد الجديد 100 عام؟

انتقلت القمة إلى مستوى جديد تستشرف فيه مستقبل الإنسان في كل القطاعات لتقديم الإجابات اليوم عن أسئلة الغد، وإنتاج المعرفة التي تعزز استعداد الحكومات لتحديات المستقبل، سعيًا للانطلاق إلى آفاق جديدة من استشراف المستقبل إلى صناعته. وبذلك تحوّلت القمّة من حدث سنوي إلى منصّة دائمة تعمل طوال السنة للارتقاء بالخدمات التي يستفيد منها كل البشر على وجه الكرة الأرضية.
وجّه الكلمة الرئيسية إلى المؤتمر الرئيس باراك أوباما عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مباشرة من البيت الأبيض. قال فيها: “إن الحكومات موجودة من أجل خدمة الشعب والمساهمة في تحسين معيشته. وعندما تستثمر الحكومات في مواطنيها وتحديدًا في صحتهم وتعليمهم، وحينما تلتزم بالمحافظة على حقوق الإنسان، تصبح الدول أكثر سلمًا وأمنًا ونجاحًا.”

وهذا ما أكده استطلاع للرأي أجراه تلفزيون (Ruya TV) على هامش المؤتمر، إذ قال المشاركون فيه إن الحكومات ينبغي ألا تدخّر جهدًا لكي توفر فرص العمل وتحسّن مستوى معيشة مواطنيها والابتعاد بهم عن دائرة الفقر التي ينفذ منها أصحاب الأفكار الإرهابية الهدامة.
وطبقًا لما جاء في أحدث تقرير لمجلس سياسة الأعمال التجارية في العالم (ATKEARNEY) والذي نُشر بالتزامن مع انعقاد القمّة، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مهيأة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة بحلول العام 2020، غير أن هذا النمو سيكون مرهونًا بالسياسات التي تتّبعها حكومات دول المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة. إذن، فإن سياسات الحكومات هي التي ستقرر نهضة أو خفوت تلك المنطقة، هذه حقيقة في الوقت الراهن، وأيضًا في المستقبل. فهل تساهم الدراسات والأبحاث التي قدّمتها القمّة العالمية للحكومات في هذا الاتجاه نحو التحوّل الإيجابي للمنطقة؟ وهل يكون تحوّل القمّة إلى منبر دائم يواصل الدراسات والأبحاث طوال العام، المنبع الذي تنهل منه دول المنطقة للانطلاق نحو المستقبل؟
الرئيس أوباما أعرب في كلمته عن سعادة الولايات المتحدة بعلاقة الشراكة التي تربطها بدولة الإمارات، وقال “إن دولنا تستطيع أن تتعلم من بعضها، وإننا نستطيع أن نجعل حكوماتنا أكثر استجابة لمواطنينا وتحملًا لمسؤوليتها عنهم.” وأكد على ضرورة أن يعلم الجميع “في المنطقة وكل أرجاء العالم أنهم حينما يعتنقون الإصلاح ويستثمرون في حياة شعوبهم، سيجدون دائمًا الصديق والشريك في الولايات المتحدة.”