يقوم بعض الطلاب الأكثر موهبة في مصر ببناء مستقبلهم – ومستقبل بلدهم – من خلال الخبرة التي يكتسبونها من البرنامج الأميركي للمنح الدراسية.
إيمان عبد المحسن سعيد (20 عاما) هي واحدة من هؤلاء القادة الشباب. نشأت في بلدة الكوم، وهي بلدة ريفية تقع بالقرب من أسوان على نهر النيل. كانت تعتقد في الأصل أنها ستبقى في مسقط رأسها وربما تصبح طبيبة. بعد أن أكملت برنامج أكسس في اللغة الإنجليزية للمنح الصغيرة، اكتشفت المهنة المحببة لديها ألا وهي: التدريس. كما منحها البرنامج الثقة والرغبة في السفر إلى خارج مسقط رأسها، بما في ذلك إلى الولايات المتحدة.
ومن خلال المنحة التي تمولها الولايات المتحدة، تعلمت إيمان سعيد اللغة الإنجليزية وحصلت على مهارات علوم الكمبيوتر. وقالت سعيد إن البرنامج فتح عينيها أيضا على عالم جديد. تعلمت مهارات عالمية مثل التواصل مع الآخرين وتقدير الثقافات الأخرى. وقالت إنه خلال نشأتها، لم تكن تتواصل مع أقرانها الذكور إلا في حالات نادرة. أما اليوم فتشعر بارتياح أكبر في الحديث مع الرجال والنساء على حد سواء.
وقالت إيمان سعيد في حديث أدلت به لموقع شير أميركا: “لقد منحنا ذلك الفرصة للخروج من البيئة التي نشعر فيها بالراحة. فقد تعلمت أننا لا نعيش وحدنا على هذا الكوكب. ”
يقدم برنامج أكسس، وهو برنامج تابع لوزارة الخارجية الأميركية، للطلبة من جميع أنحاء العالم دورات تدريبية لتعلم اللغة الإنجليزية ومهارات التواصل والتدريب على القيادة. ففي مصر، يمكن للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة التقدم بطلب للالتحاق بالبرنامج. يتلقى المشاركون ما لا يقل عن 360 ساعة من تعليم اللغة الإنجليزية على مدى عامين ويحضرون فعاليات مشتركة تؤكد على التفاعل مع الآخرين. بدأ البرنامج في العام 2004 تحت إشراف وزير الخارجية الراحل كولن باول.
ومنذ العام 2008، أكمل أكثر من 6000 طالب مصري دورات في تعلم اللغة في برنامج أكسس. وعلى الصعيد العالمي، شارك في البرنامج أكثر من 200 ألف طالب من 90 دولة منذ بدء البرنامج.
بعد برنامج أكسس، شاركت إيمان سعيد في برنامج قيادة القرية العالمية للشباب، الذي استقدمها إلى واشنطن. وأصبحت سعيد أول امرأة من مسقط رأسها تزور الولايات المتحدة. وهي تدرس لتصبح معلمة لغة إنجليزية في جامعة أسوان.
’رحلة لاكتشاف الذات‘
شارك محمد جمال الدين، البالغ من العمر 24 عامًا، في برنامج ’أكسِس‘ (Access) من 2013 إلى 2015. وكان يمضي 12 ساعة في الأسبوع في دراسة اللغة الإنجليزية. نشأ جمال الدين في الجيزة، وهي مدينة مصرية على الضفة الغربية لنهر النيل، موطن الأهرامات.
خلال برنامج المنحة الدراسية، ذهب في رحلات تخييم وحضر عروض الأوبرا وشاهد الأفلام مع زملائه في البرنامج. كما التقت مجموعته بممثلين عن السفارة الأميركية في القاهرة.
قال جمال الدين إن برنامج ’أكسِس‘، بالإضافة إلى تعليم اللغة، علمه التحدث والتصرف بثقة.
وفي حديث لموقع ’شير أميركا‘ قال “الأمر لا يتعلق باللغة الإنجليزية فقط. إنها رحلة لاكتشاف الذات. فأنت تأخذ كل المعلومات والمهارات والخبرات العديدة التي تكتسبها وتطبقها في حياتك.”
بعد الانتهاء من برنامج ’أكسِس‘، شارك جمال الدين في منتدى الشباب العالمي في 2018، من خلال دعم قدمته سفارة الولايات المتحدة. كما أنه زار الولايات المتحدة، وحضر خلال شهر في منطقة واشنطن العاصمة دورات تدريبية على مهارات القيادة والتواصل.
جمال الدين، الذي تخرج من جامعة الأزهر في القاهرة، يمارس الخطابة بشكل دائم. وفي العام 2020، اختارته الجامعة للحديث عن تجديد مُثُل الإسلام ومواجهة خطر الإرهاب أمام حشد من القادة الدينيين والسياسيين. كما أنه يكتب بشكل معتاد في الصحف المحلية، وظهر في مقابلات تلفزيونية حول قضايا الشباب. وفي أوقات فراغه، يعمل على ما يصفه برواية ’فلسفية‘ حول البحث عن المعنى في الحياة.
يعمل جمال الدين حاليًا في قسم علاقات النزلاء بأحد الفنادق. وهو يريد فيما بعد إدارة عمله الخاص في العلاقات العامة أو التسويق. كما يخطط للعمل كمتطوع في المجتمع المحلي في مصر ومساعدة النساء والأطفال المحتاجين.
وقال “إن برنامج ’أكسِس‘ ساعدني على التفكير بعقل متفتح. فأنت عندما تفكر بعقل متفتح، تكتشف ما تريد القيام به، ويمكنك التفكير في طرق تؤدي بك للوصول إلى أهدافك.”
