
تُعتبر الاتفاقية التي تبنّتها مؤخرًا أكثر من 190 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في باريس، اتفاقية المناخ الأكثر طموحًا حتى هذا التاريخ.
وقد تعهّد 187 بلدًا من بين البلدان الـ 190 باتخاذ إجراءات قبل عقد مؤتمر كانون الأول/ديسمبر 2015. وضعت الخطط المختلفة المتفق عليها إطار عمل مستدام طويل الأمد لخفض غازات الاحتباس الحراري، وأرست الأسس اللازمة للبلدان كي تعمل سوية لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة العالمية أقل من 2 درجة مئوية.
كيف سنحقق مستقبلًا يكون فيه الكربون منخفضًا، بالمعنى الحقيقي؟ سيبدأ الموضوع على نطاق صغير. إن الحكومات الوطنية ملتزمة بأداء دورها، ولكنها قد تكون بطيئة. فسياساتها تستغرق وقتًا طويلًا لتتحرك عبر عمليات سنّ القوانين والتنفيذ. أما الكيانات الأصغر- المدن والولايات وشركات الأعمال والجامعات- فبإمكانها أن تتحرّك بسرعة أكبر، وقد بدأت بالفعل في تنفيذ الإجراءات.
رؤساء البلديات يتوحّدون

بدأت المدن من حول العالم العمل بالفعل في هذا الصدد. ففي الولايات المتحدة، وقّع 117 رئيس بلدية على تعهد رؤساء البلديات بتنفيذ سياسات موحدّة، وقياس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والإبلاغ علنًا عن الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الكربون في مدنهم. ويقوم رؤساء البلديات الأميركيون بالتكلم مع نظرائهم في جميع أنحاء العالم من خلال منظمات مثل مجموعة المدن C40 لقيادة المناخ. تشترك لوس أنجلوس، ومكسيكو سيتي، ونيو دلهي، وبكين، وريو دي جانيرو في المعاناة من مشاكل التلوّث المتشابهة، كما أنها تتبادل أيضًا سبل حل تلك المشاكل فيما بينها.
الإبقاء عليه أدنى من 2

أي أدنى من درجتين مئويتين. مذكرة التفاهم للقيادات الوطنية الفرعية حول المناخ العالمي، التي تسمى أيضًا “مذكرة التفاهم تحت 2” المعروفة اختصارًا بالإنجليزية باسم (Under 2 MOU)، بدأت كشراكة بين ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية وولاية بادن فورتمبيرغ في ألمانيا. وتوسّعت لتشمل ولايات ومناطق أخرى في جميع أنحاء العالم. ولايات أوريغون، وفيرمونت، وواشنطن، ومينيسوتا، ونيو هامشر، ونيويورك هي من بين الولايات الأميركية التي وقّعت على اتفاقية خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 80 إلى 95 بالمئة دون مستويات العام 1990 بحلول العام 2050 ولتبادل التكنولوجيا والأبحاث العلمية. يلتزم الموقّعون أيضًا بزيادة عدد السيارات التي لا تصدر انبعاثات وخفض الملوّثات الأخرى- والإبلاغ عن نتائجها.
شركات الأعمال التجارية تعمل على مواجهة تغيّر المناخ

شركات الأعمال التجارية ذات القدرات الكبيرة- بما في ذلك شركة أبل، وكارغيل، وكوكا كولا، وفيسبوك، وغوغل، وليفي شتراوس، وماكدونالدز، وميكروسوفت، وول مارت– هي من بين 154 شركة أميركية أخرى وقّعت على تعهد قانون العمل الأميركي لمواجهة تغير المناخ في العام 2015. تقوم هذه الشركات بتخفيض الانبعاثات وزيادة الاستثمارات في تخفيض انبعاثات الكربون، وتكثيف استخدام الطاقة النظيفة، وأصبحت رائدة في مجال الممارسات المستدامة لشركات الأعمال التجارية.
- أصبحت شركة أبل في الولايات المتحدة تعمل بالفعل باستخدام الطاقة المتجدّدة بنسبة 100 بالمئة. منذ العام 2011، خفّضت الشركة انبعاثات الكربون من مرافقها العالمية بنسبة 48 بالمئة.
- حسّنت شركة كارغيل كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 16 بالمئة خلال 10 سنوات، ووضعت أهدافًا جديدة حتى العام 2020، مثل تعزيز الطاقة المتجدّدة من 14 إلى 18 بالمئة من إجمالي استخدام الطاقة. كما تعمل على وقف إزالة الغابات من الأراضي ذات القيمة الكبيرة من الناحية البيئية.
- تعهّدت شركة ماكدونالدز أنه بحلول العام 2020، سوف تنتج نسبة 100 بالمئة من إمداداتها من زيت النخيل، والألياف، ولحم البقر، والبن بطرق مستدامة بيئيًا بالكامل. وتهدف الشركة أيضًا إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة وزيادة مصادر الطاقة المتجدّدة.
- شركة وول مارت لديها مشاريع للطاقة الشمسية في مواقع مخازنها ومرافقها في الولايات المتحدة، وستضاعف عددها بحلول العام 2020. وهي تطلب من مورديها ممارسة الشفافية في تعقب انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري وتخفيضها.
تعمل الشركات الموقّعة على التعهّد في جميع الولايات الأميركية وحول العالم. وبصورة إجمالية، توظف حوالى 11 مليون إنسان، وتولّد إيرادات سنوية تتجاوز قيمتها 4.2 تريليون دولار، وتبلغ قيمة رساميلها السوقية مجتمعة أكثر من 7 تريليون دولار.
التعليم العالي يشارك في الجهود

تقود جامعات وكليات أميركية الطريق نحو مستقبل دون انبعاثات، منها 311 جامعة وكلية انضمت إلى التعهد بقانون الجامعات الأميركية لمواجهة تغير المناخ.
وقَّعت جميع أحرام جامعات كاليفورنيا الخاصة العشرة، وجميع أحرام جامعات ولاية كاليفورنيا الـ32 على التعهّد، والعديد منها قد سبق المواعيد النهائية المحدّدة لتحقيق أهداف تخفيض الانبعاثات إلى الصفر، وذلك بفضل سياسة الاستدامة عبر الجامعات.
وتقدّم جامعة إيرفين في ولاية كاليفورنيا منهجًا دراسيًا حول قيادة الاستدامة البيئية. واشتركت جامعة ديفيس في كاليفورنيا مع الصين لوضع سيارات دون انبعاثات على مسار الإنتاج السريع. ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة ستانفورد، وهارفارد، وييل و48 جامعة في ولاية نيويورك هي من بين الجامعات التي تعجّل سرعة استخدامها للطاقة النظيفة واتّباع ممارسات الاستدامة.