تأمين التواصل: الناس يستخدمون المناطيد والشمس والمساحات البيضاء للاتصال بالإنترنت

إطلاق شركة غوغل في 2013 لمشروع لون في كرايستشيرش، نيوزيلندا (Courtesy of “I used a nikon”/Flickr)

يقول أحد سكان بلدة والجاك في جنوب السودان، إحدى المناطق النائية جدًا والأكثر فقرًا على وجه الأرض،  إن “العالم الخالي من الإنترنت سوف يكون مثل العالم الخالي من النور.”

ويشاركه في هذا الشعور الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم- ويعيش معظمهم في الدول المتقدمة. غير أنه بالنسبة للمناطق المماثلة لمنطقة والجاك في العالم، فإن الإنترنت تعد أكثر من مجرّد وسيلة من وسائل الراحة- إنها شريان الحياة. والأمر المؤسف أنه بالنسبة لـ60 بالمئة من سكان العالم غير المرتبطين بالإنترنت، فإن الإنترنت ما زالت حلمًا صعب المنال.

على مدى السنوات العشرين الماضية، أصبحت شبكة الإنترنت ضرورة حيوية جدًا للتجارة والاتصالات لدرجة أن البلدان غير المتصلة بالإنترنت باتت تواجه المزيد من التخلف الاقتصادي والاجتماعي. بيد أن الحصول على إمكانية الاتصال بالإنترنت يشكل “تحديًا كبيرًا”، استنادًا إلى فينتون سيرف، أحد “آباء الإنترنت” والمبشر الرئيسي لأهمية الإنترنت في شركة غوغل. وقد قال لمجلة وايرد في العام 2012، “لقد بدأ يظهر أنه ليس من السهل على الجميع بناء البنية التحتية المطلوبة”.

منظر يمكن مشاهدته من نافذة غرفة يظهر رابط إنترنت يربط بين منطقتي بابو وغولو في أوغندا (Courtesy photo)

ولحسن الحظ أن بعض البلدان النامية شرعت تخطو خطوات واسعة لسد الفجوة الرقمية. إذ إن زيادة اعتماد تكنولوجيات أجهزة الهاتف النقال في أفريقيا وأجزاء أخرى من العالم يساعد في ذلك. ولكنه ليس كافيًا. ولهذا السبب تبادر الشركات الخاصة والمنظمات غير الحكومية والحكومات نفسها إلى التعاون في ربط العالم النامي عبر الانترنت.

بدءًا من هنا إلى تحقيق التواصل في سائر أنحاء العالم

في وقت مبكر من هذه السنة، أطلقت وزارة الخارجية الأميركية مبادرة التواصل العالمي عبر الإنترنت (GCI)، وهي بمثابة جهد يرمي إلى ربط 1.5 بليون إنسان إضافي بالإنترنت بحلول العام 2020 من خلال علاقات الشراكة بين مؤسسات متعددة الأطراف، وحكومات، ومنظمات غير حكومية وشركات القطاع الخاص. وتدعو المبادرة إلى بناء المزيد من البنى التحتية لشبكة الإنترنت في الأمكنة التي لا وجود لها فيها الآن.

قالت كاثرين نوفيلي، وكيلة وزارة الخارجية في حفل إطلاق مبادرة التواصل العالمي عبر الإنترنت (GCI) في 27 أيلول/سبتمبر، “إننا ننوي المشاركة مع البلدان المهتمة لتطوير استراتيجيات مصمّمة خصيصًا لخلق البيئة المناسبة الصحيحة التي تمكنها من الاتصال بالإنترنت”، وأضافت، “هذه السياسات لن تحفز التواصل وحسب، إنما أيضًا ريادة الأعمال، وتدفقات المعلومات عبر الحدود الدولية، والأسواق المفتوحة والتنافسية.”

سوف تبني المبادرة على أساس الجهود التي يقودها عدد من عمالقة شركات التكنولوجيا المتطورة.

وفي هذا السياق، أنشأت شركة غوغل شبكة إنترنت عالية السرعة تعمل بالألياف الضوئية في كمبالا، أوغندا. وبادرت في أستراليا، والبرازيل، وسري لانكا وإندونيسيا إلى مشاركة شركات محلية لتأمين التواصل مع المناطق النائية عبر مناطيد الهيليوم.

وبدورهما تسعى شركتان للأقمار الصناعية- (SpaceX)، و(WorldVu) للأقمار الصناعية- إلى تصميم خطط منفصلة لإرسال إشارات الإنترنت من الفضاء. وهما تخطّطان لإطلاق مجموعات من الأقمار الصناعية الصغيرة التي ترسل إشارات إنترنت عالية السرعة إلى جميع مناطق العالم، مهما كانت نائية.

ومن ناحيتها، تشجع شركة مايكروسوفت على إقامة مشروعات لإرسال إشارات الإنترنت عبر الأجزاء الغير مستخدمة من طيف البث التلفزيوني التي تسمى المساحات البيضاء. فعلى سبيل المثال، تقدم مايكروسوفت، بالشراكة مع مؤسسة الاستثمارات الخاصة الأميركية في الخارج (أوبيك)، التمويل اللازم إلى شبكات ماوينغو لبناء محطات للوصول إلى الإنترنت تعمل بالطاقة الشمسية عبر أنحاء المناطق الريفية في كينيا.

بادرت أوبيك أيضًا إلى تقديم التمويل لتطوير شبكة من أبراج الاتصالات عبر أنحاء بورما وإلى المشاركة في مشروع استثماري للقطاع الخاص مصمم لربط ملايين الكينيين بالإنترنت.

في مبنى شركة غوغل بمدينة ساو باولو، البرازيل، الروبوت موصول أيضًا بالإنترنت Courtesy photo)

ومع ازدياد عدد الذين يتم ربطهم بالإنترنت، فإن التقدير لأهمية الإنترنت آخذ في النمو باطراد.

قال أحد مستخدمي الإنترنت النيجيريين على موقع منتدى الإنترنت nairaland.com “لا أعتقد أنني أستطيع العيش بدون الشبكة”. ففي المرة الأولى التي اتصل فيها بالإنترنت، شعر وكأن ذلك “نهر من الأحلام”.

من المتوقع أن تتيح مبادرة التواصل العالمي عبر الإنترنت وغيرها من الجهود لمزيد من ملايين الأشخاص السباحة في هذا النهر.