ماذا ستكون عليه الأمور لو أنك تلقيت كل شهر تقريرًا حول مدى استهلاكك للكهرباء مقارنة مع استهلاك جيرانك لها؟ وإذا ترافق ذلك مع نصائح شخصية حول كيفية توفير المال على أساس أساليبك الخاصة في استخدامها؟
هناك برنامج كمبيوتر جديد بات يجعل ذلك ممكنًا، كما يقول ديفيد مور، مدير أعلى في تطوير الأسواق لدى شركة أوباور (Opower). وقد بادرت شركته بإطلاق برامج الكمبيوتر السحابية التي تركز الاهتمام على زبائن شركات تزويد الكهرباء. مضيفًا، “إننا نجمع البيانات من مرافق الكهرباء ونحولها إلى شيء أكثر قيمة من مجرّد معلومات حول الفواتير.”
أما تفسير البيانات التي يجري جمعها من جانب شركات الكهرباء العامة والخاصة فيستخدم لإنشاء محادثات في اتجاهين بين مقدمي خدمات مرافق الكهرباء العامة والمستهلكين. وبذلك يكسب المستهلك صوتًا– مع المزيد من السيطرة على استهلاك الكهرباء.

ولا يخفى أن المستهلكين يتذمرون من المرافق التي تمدّهم بالكهرباء. فتقليديًا، وفقًا إلى مور، كانت هناك “فجوة هائلة في التوقعات بين الزبائن والمرافق التي تخدمهم”. وهو يشير في هذا الصدد، إلى أن الشركة التي لديها زبائن لمرافقها في جميع أنحاء الولايات المتحدة ودوليًا، تسمع نفس الشكاوى في جميع أنحاء العالم، في البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء.
فالناس يريدون خفض قيمة الفواتير، ويريدون فواتير دقيقة، كما أنهم يتطلعون إلى مؤسسات مرافق الكهرباء للحصول على معلومات حول الطاقة. ويذكر مور أن هناك برنامج كمبيوتر لدى شركة أوباور يخلق “مواءمة بين مصالح الزبائن ومصالح المرافق الكهربائية، وعادة، أيضًا مع المصالح الحكومية– وذلك لناحية إدارة جانب الطلب، أو خفض الانبعاثات أو ببساطة لإعطاء الناس المعلومات التي يستحقونها.”

القفز السريع إلى مستقبل الطاقة
ويتابع مور قائلاً، “إذا أعطينا الناس سببًا لكي ينخرطوا معنا على الانترنت بسبب وجود أدوات أيضًا على بوابة الموقع الإلكتروني للمرفق الذي يشتكون منه”، فإن ذلك سوف يثير اهتمام المستهلكين ويوفر المال.
فعندما يشارك المستهلكون بالأمر، فإنهم يرشدون شركات الطاقة.
الزبائن، من خلال أساليب استخدامهم للكهرباء، يخبرون مزوّدي الطاقة حول المكان الذي تحتاج فيه الشبكة محطة فرعية جديدة، أو ما إذا كان هناك حي يحتاج إلى حملة تثقيفية حول استخدام الطاقة لتوفير المال. فمع وجود بيانات مفصلة في متناول أيديهم، يغدو بإمكان المزودين إرسال رسائل نصية أو عبر البريد الإلكتروني عندما يقومون بتمديد إمدادات الطاقة في أوقات الذروة على الطلب.
تسعى شركة أوباور جاهدة إلى “زيادة ذكاء” الشبكة، سواء كان ذلك في الحالات التي تقوم فيها العدادات الالكترونية ذات التكنولوجيا العالية بالتغذية آليًا إلى قواعد بيانات رقمية، أو حيثما يتم تسجيل البيانات من عدادات كهربائية قديمة ثم يجري تحميلها يدويًا.
وحول ذلك يشرح مور، “إننا نسمح لبعض الأنظمة الباقية الأقدم عمرًا بأخذ البيانات لديها والقفز فعليًا إلى المستقبل حول عملية اتخاذ القرارات”. واستطرد قائلاً، “إن بعض المسؤولين التنفيذيين الأكثر تطلعًا إلى الأمام موجودون في أماكن مثل الهند. فقد لا يكون لديهم عدادات ذكية تخدم كل زبون، ولكنهم يستخدمون العدادات الموجودة لديهم للحصول على بيانات تكسيرية، ويستخدمون هذه البيانات لاتخاذ قرارات ذكية.”

نموذج تحوّلي
ويرى مور “أن تحويل طريقة تفاعل المرافق العامة مع عملائها على أساس البيانات المقدمة من هؤلاء العملاء- وكيفية استخدامهم للطاقة، ومتى يستخدمونها، وكيف يتفاهمون مع الإدارات في مرافق الطاقة الكهربائية- من شأنه أن يجعل المجتمع يحس بهذا الأمر الذي كان تقليديًا يعتبر خدمة عامة.
وأردف مور أن هذه التحسينات لم تكن ممكنة منذ بضعة عقود؛ مشيرًا إلى أن “البيانات يمكنها أن توفر فرصًا تحوّلية لم تكن متاحة لمؤسسات مرافق الطاقة قبل عصر الحاسوب”.
أما اليوم فقد بات الناس يكتبون تغريدات على موقع تويتر إلى شركات المرافق العامة حول أدائها. ويقول مور إن هذا الدأب أشبه ما يكون بحشد غفير من الغوغاء: فالأسواق تدرك بأن “الزبائن، والناس العاديين، يتمتعون بقدر هائل من الطاقة لأن تكنولوجيا المعلومات تمكنهم من التصرف كمجتمع بتصميم لم يكن ممكنا في حقبة سابقة.”