روث إيبنستين، صحفية تحمل الجنسيتين: الأميركية والإسرائيلية، وابتسام عريقات أم وربّة بيت فلسطينية من أبوديس بالقدس الشرقية. السيدتان تتحدران من عرقين مختلفين، ولكل منهما خلفية ثقافية مختلفة، وكل منهما تعتنق ديانة مختلفة. ورغم أن كل هذه العوامل وغيرها قد توحي بأن ما يفرّقهما أكثر ممّا يمكن أن يجمع بينهما، إلا أن الواقع يؤكد وجود علاقة صداقة قوية قد جمعت- ليس بينهما فقط- وإنما أيضًا بين العائلتين اللتين تنتميان إليهما.
وباعتبار أن الكتابة حرفتها، فإن روث كتبت عن العلاقة التي تجمع بينها وبين ابتسام في عدة مطبوعات، من بينها مقال لصحيفة (The Atlantic) الأميركية، كما ضمّنت الحكاية في الكتاب الذي توشك على الانتهاء من كتابته بالإنجليزية وهو بعنوان: الضحك من خلال سرطان الثدي (How to Laugh (and Cry) Through Breast Cancer)

بدأت معرفة روث بابتسام حينما التقتا في منتدى كوب (Cope Forum)، وهو جمعية فلسطينية -إسرائيلية لدعم المصابات بمرض سرطان الثدي من الجانبين. جمعهما الألم في موقع واحد، فكل منهما كانت من المصابات بالمرض، وخاضت مراحل العلاج المختلفة، وتحقق لها الشفاء منه. فقرّرتا تقديم الدعم والمشورة لغيرهما من النساء حديثات العهد بالإصابة، أو حتى غير المصابات للاستفادة من الخبرة المكتسبة لديهما وفي مقدمتها أهمية الفحص الدوري والتشخيص المبكر في ارتفاع نسبة الشفاء.
كان اللقاء في الجمعية يجمعهما مرة كل شهر. وحينما تجاذبتا أطراف الحديث في المرة الأولى اكتشفتا وجود تشابه كبير في حكايتيهما الشخصيتين. فكل منهما كانت الزوجة الثانية لرجل تزوج قبلها، وكان له أبناء من زواجه الأول، قامت بتربيتهم الزوجة الثانية. وأن كلا منهما أصيبت بالمرض في فترة يندر حدوث الإصابة فيها، وهي فترة إرضاع طفلها الوليد. ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بينهما وتبادل الزيارات بين الأسرتين، ورغم حاجز اللغة يسعى كل طرف لتعلم لغة الطرف الآخر ليسهل التفاهم.

“حاربنا السرطان. وانتصرنا عليه.”
وشاركت روث وابتسام في عقد لقاءات للتوعية بمرض سرطان الثدي في موقعهما المحلي وفي الخارج أيضًا، وكان من بين تلك اللقاءات زيارة للبوسنة، والزيارة التي جمعتهما مؤخرًا في مكتب الشؤون الثقافية والتعليمية بوزارة الخارجية الأميركية.
وبالطبع اجتذبت حكايتاهما عددًا من وسائل الإعلام، فكان لهما لقاء مع بي بي سي، وقناة تلفزيون “الحرة“.
وفي حديثها مع موقع شير أميركا باللغة العربية قالت ابتسام “إن الكثيرات من النساء في مجتمعي الفلسطيني يخشين حتى من الحديث في الموضوع، ولا يدركن أهمية الفحص والتشخيص المبكّر لتعزيز فرص الشفاء.”
واتفقت روث معها في الرأي حول هذا الموضوع وموضوعات أخرى من بينها إمكانية تحقيق السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. فحسبما قالت روث: “إننا حينما نلتقي في اجتماعنا الشهري، لا أحد يهتم بتحديد من تكون الفلسطينية ومن تكون الإسرائيلية. لقد حاربنا عدوًا مشتركًا كان أقوى من النزاع في الشرق الأوسط. حاربنا السرطان. وانتصرنا عليه.”

ورغم الصعاب والتحديات المستمرة، تعرب روث وابتسام عن الثقة والأمل في أن يتحقق السلام، وألا يظل حلمًا يراود الأجيال المتعاقبة من الجانبين.
“حينئذ سيكون بإمكاننا أن نتبادل الزيارات بدون حاجة لتصريح أو إذن من السلطات.” حسبما قالت روث.
“ولن تكون هناك ضرورة لأن تقول روث في الاجتماع، إن ابتسام لم تعد بحاجة إلى تصريح لأنها وصلت إلى سن الخمسين.” حسبما قالت ابتسام وهي تنظر إلى روث مبتسمة ابتسامة ذات مغزى.