أشخاص جالسون على مفارش على قمة تل (© Manu Fernandez/AP)
متنزهون يستريحون عند غروب الشمس في متنزه ثيرو ديل تيو بيو في مدريد. بفضل حلف الناتو، اعتاد الأوروبيون على نطاق واسع ممارسة حياتهم اليومية بسلام. (© Manu Fernandez/AP)

مع احتفال منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالذكرى السنوية الرابعة والسبعين لتأسيسه في 4 نيسان/أبريل، يمكن للحلف أن يباهي بسجل حافل بالإنجازات الرائعة منذ تأسيسه في عام 1949.

الأدميرال الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات الحلفاء في أوروبا (2009-2013)، يشيد بسجل الناتو قائلا إنه “سجل لا تشوبه شائبة في ردع أي هجوم ضد أعضائه” باعتباره من بين أعظم إنجازات الحلف.

تم إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى حد كبير ردًا على التهديد الذي كان يمثله آنذاك الاتحاد السوفيتي للسلام في أوروبا.

تتضمن الوثيقة التأسيسية لحلف الناتو، معاهدة واشنطن، التزام الحلف بالدفاع الجماعي بموجب المادة 5، والتي تنص على أن الهجوم على حليف واحد يعتبر هجومًا على جميع الحلفاء، وهم مجموعة تضم الآن 30 دولة. وقد أكد الرئيس بايدن أن التزام الولايات المتحدة بالمادة 5 صارم.

إنهاء قرون من الأعمال العدائية

قبل الحربين العالميتين، عانت أوروبا من الأعمال العدائية شبه المستمرة في جميع أنحاء القارة، بما في ذلك حرب المئة عام (1337–1453)، وهي صراع بين إنجلترا وفرنسا على خلافة العرش الفرنسي؛ وحرب الثلاثين عامًا (1618–1648)، وهي صراع ديني نشب أساسًا في وسط أوروبا؛ وحرب السنوات السبع (1756-1763) بين بريطانيا العظمى وفرنسا؛ والحروب النابليونية (1803-1815) بين فرنسا ومجموعة متغيرة من القوى الأوروبية الأخرى؛ والحرب الفرنسية البروسية (1870-1871). وقد جلبت الحربان العالميتان (1914-1918 و1939-1945) دمارًا لا مثيل له للقارة.

صورة بالأبيض والأسود لكنيسة مدمرة وأنقاض (© AP)
كنيسة القديس بيير التي تضررت بشدة تقف وسط الأنقاض في كاين بفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية عام 1944. (© AP)

خلال الحرب الباردة (1945-1991)، ظل حلف الناتو متنبهًا يعمل على ردع الدمار الرهيب الذي كان يمكن أن تجلبه حرب عالمية ثالثة. ساعد الناتو في الحفاظ على السلام والديمقراطية وتعزيزهما في معظم أنحاء القارة وعزز التعاون الأوروبي وعبر الأطلسي.

واجهت أوروبا تحديات أمنية جديدة بعد الحرب الباردة مع اقتراب القرن العشرين من نهايته. وأجرى حلف الناتو أول عملية استجابة كبرى في البوسنة والهرسك، مما مهد الطريق لنهاية حرب 1992-1995 في البلاد، وردّ مرة أخرى على الحرب في كوسوفو في أواخر تسعينيات القرن العشرين.

يقول ستافريديس إن أعضاء الناتو، بالإضافة إلى تعاونهم في جميع عناصر الحلف وأمن الحلفاء، “يشتركون إلى حد كبير في القيم الأساسية – الديمقراطية، والحرية، وحرية الكلام، وحرية التعبير، والمساواة بين الجنسين، والمساواة العرقية.”

’تحالف متكيف بشكل فريد‘

في معرض مناقشة عملية انضمام فنلندا والسويد الجارية إلى حلف الناتو، قال جيمس غولدغاير، وهو خبير في شؤون الناتو وأستاذ بالجامعة الأميركية، “إن هذين البلدين سيساعدان في ضمان الأمن والاستقرار في شمال أوروبا”. ويضيف أن وضعهما كـ “ديمقراطيتين راسختين” يضمن المساهمات في حلف الناتو كتحالف عسكري وكمؤسسة قائمة على القيم.

في القرن الحادي والعشرين ظهرت أزمات جديدة. فقد قامت روسيا بغزو دول غير أعضاء في الناتو في أوروبا: جورجيا في عام 2008، وأوكرانيا، في البداية في عام 2014 ثم غزو واسع النطاق في عام 2022.

قالت كيمبرلي مارتين، أستاذة العلوم السياسية في كلية بارنارد وجامعة كولومبيا: “لقد أظهر الغزو الروسي لأوكرانيا بما لا يدع مجالا للشك مدى أهمية استمرار حلف الناتو. فقد ساعد بوتين في غرس شعور جديد بوضوح الهدف والغاية ودرجة متجددة من الوحدة لدى حلف شمال الأطلسي”.

يمكن اعتبار هجوم بوتين غير المبرر على أوكرانيا جزئيًا على أنه محاولة لاختبار قوة الناتو. وقالت مارتين إن التحالف اجتاز الاختبار حتى الآن، “مع قيادة الولايات المتحدة في بناء استجابات سريعة وخلاقة وتعاونية تعتمد على علاقات واشنطن الطويلة والدائمة مع شركائها في الناتو”.

وأضافت أن “حلف الناتو لطالما كان تحالفًا متكيفًا بشكل فريد، ولا يزال كذلك حتى يومنا هذا، حيث يعمل كمنارة للديمقراطيات في مناطق جغرافية أخرى للانضمام إلى التعاون الأمني، كما رأينا مؤخرًا عندما حضرت [الدول غير الأعضاء] أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا قمة الناتو عام 2022. ولا يمكن لأي مجموعة من الدول الاستبدادية – ليس خلال الحرب الباردة وليس الآن – أن تقترب من مطابقة الشعور المشترك بوضوح الهدف والغاية الذي لدى أعضاء الناتو. “