
“دعونا نحب بعضنا البعض “لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق..”
هذا ما دعا إليه الرئيس أوباما حينما اقتبس من الكتاب المقدس لشرح الخطوات التي لا بد من اتخاذها من أجل التئام الانقسامات العنصرية في الولايات المتحدة. واستخدم في ذلك آية من إنجيل يوحنا، أثناء قداس التأبين الذي أقيم لتكريم أرواح خمسة ضباط شرطة قُتلوا يوم 12 تموز/يوليو الجاري بمدينة دالاس.
بيد أن سدّ فجوة الانقسامات العرقية يمثل في حد ذاته تحديًا.
كثيرون في أميركا يلجأون إلى أماكن العبادة سعيًا وراء التوجيه الأخلاقي والمعنوي. بيد أن مؤسسة LifeWay Research ذكرت في العام الماضي أن نسبة 86 في المئة من القساوسة البروتستانت يقولون إن أبناء رعياتهم يكونون إما من السود أو البيض، مما لا يتيح سوى فرصة بسيطة للأعراق المختلفة للحديث إلى بعضهم البعض.
والوضع الراهن لا يختلف كثيرًا عن الوضع الذي كان سائدًا في العام 1963 حينما وصف زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ صلاة الساعة الحادية عشرة صباحًا في أيام الآحاد بأنها “أكثر الساعات انقسامًا في هذه الأمة.”
حوادث إطلاق النار الأخيرة تثير القلق بشأن الانقسامات العرقية
شهدت أميركا فترة عصيبة على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
ففي يوم 7 تموز/يوليو أطلق رجل أسود النار ما أدى إلى مقتل خمسة ضباط شرطة بمدينة دالاس. وقال الجاني للشرطة إنه كان يستهدف الضباط البيض.
وجاء حادث “إطلاق النار في الأسبوع نفسه الذي قُتل فيه أميركيان من السود على يد ضباط شرطة بيض في حادثين منفصلين في ولايتي لويزيانا ومينيسوتا.
ودفع هذان الحدثان بعض الناس للتساؤل عن حالة العلاقات بين الأعراق في الولايات المتحدة.
وتعليقًا على تلك الأحداث، قال كورت هارلو، القس في كنيسة بيسايد بمدينة ساكرامنتو بكاليفورنيا: “عوضًا عن الإشارة بأصابع الاتهام هنا وهناك، علينا أن نجد إجابة على هذه التساؤلات: لماذا يكون ضباط شرطة كثيرون في حالة توتر أثناء قيامهم بواجباتهم؟ ولماذا يشعر الكثيرون جدًا من الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية بأنهم محل استهداف من قبل الشرطة؟ وأضاف القس أن كنيسته تضم أعضاء من السود والبيض، ما يتيح الفرصة للنقاش الصريح.
أما بيرسيل داكيت القس في كنيسة روس رود بممفيس بولاية تينسي والتي تضم كذلك أعضاء من السود والبيض فيقول: “لقد شهدنا تظاهرة قام بها أفراد حركة “أرواح السود مهمة” وقد وصفت ذلك بأنه يخلق نوعًا من العصيان المدني. والكثيرون كانوا يتساءلون عن السبب الذي كان يدعوهم لفعل ذلك.”
ولو أن البيض كانوا يذهبون إلى الكنائس مع السود لكانوا سيسمعون الأمهات والآباء وهم يعبّرون عن خشيتهم من أن أبناءهم قد يقتلون على يد الشرطة بسبب مخالفات سير بسيطة، حسبما قال داكيت.
أما القسيسة سوزان نيومان مور من كنيسة جميع القديسين (All Souls Church ) بواشنطن، فهي تُعرب عن إدراكها أن بعض الناس منزعجون من اسم حركة “أرواح السود مهمة.” ومن بين انتقاداتهم لها أن اسم الحركة كان ينبغي أن يكون “كل الأرواح مهمة.”
وتقول مور لأعضاء كنيستها التي تتسم بالتنوّع إن حركة “أرواح السود مهمة” تشبه كثيرًا علاقة الأهل بأبنائهم.
وتوضح قائلة: “أنت تحب جميع أبنائك لكن إذا حل مرض شديد بأحدهم استوجب إدخاله غرفة العناية المركّزة في مستشفى، فإنك ستولي كل اهتمامك لذلك الولد المريض حتى يتماثل إلى الشفاء. وحاليًا في أميركا فإن أرواح السود في العناية المركّزة.”
الطوائف الدينية يمكن أن تساعد في تخفيف حدة الانقسامات
تريسي بلاكمون هي قسيسة رفيعة المستوى في كنيسة “يسوع الملك-كنيسة المسيح المتحدة” (Christ the King United Church of Christ) بفلوريسانت بولاية ميزوري.
قالت في حديثها مع إذاعة صوت أميركا: إن “الاندماج والتنوّع أمران مرغوبان. لكن الكنائس- وبصرف النظر عن كون معظم أبنائها، أو كل أبنائها من البيض، أو من السود، عليها دور لا بد أن تؤديه نظرًا لأن لها رسالة أخلاقية ودينية.”
وأضافت: “إن هذا لا يقتصر على المسيحيين فحسب، لكن هذه التوصية بوجوب رعاية الذين يواجهون المصاعب وردت في القرآن والتلمود،” أي الكتابين اللذين يتضمنان التعاليم الدينية للمسلمين واليهود.
وبعض من هذه الكنائس يسعى لمساعدة رعيتهم ذات الغالبية السوداء أو البيضاء على سماع ما يقوله أعضاء أعراق أخرى.
في مقاطعة هيل بولاية جورجيا، ينوي أعضاء كنيسة إيرلاين المعمدانية ذات الغالبية البيضاء السفر إلى كنيسة القديس يوحنا المعمدان ذات الغالبية السوداء للمشاركة في قداس يوم الأحد.
ولا ينوي قسيسا الكنيستين أن يتحدثا عما يدور في خلدهم بخصوص الأحداث المأساوية الأخيرة.
سكوت مور من كنيسة إيرلاين المعمدانية يقول: “أعتقد أننا بهذه الطريقة وفي أغلب الأحيان، لا نصغي إلى بعضنا البعض. وأنا نفسي أشعر بالذنب لذلك- لعدم الإصغاء إلى آراء الآخرين، وأنني أفكر فقط فيما أريد قوله.”