(© Derek Davis/Portland Portland Press Herald/Getty Images)
أدريان بليتييه في باليه كسارة البندق على مسرح باليه ولاية مين، والذي تؤدي فيه دور كلارا التي تصادق كسارة بندق تنبض بالحياة عشية عيد الميلاد. (© Derek Davis/Portland Portland Press Herald/Getty Images)

في العديد من الأسر الأميركية، لا تتم بهجة عيد الميلاد دون مشاهدة عرض باليه ’كسارة البندق‘.

عرض الباليه هذا يعتبر تقليدا مفضلا خلال موسم عيد الميلاد بالنسبة لملايين الأميركيين، صغارا وكبارا.

من السهل أن نفهم لماذا، من خلال الحلويات الراقصة، وجنية الخوخ السكري، وكسارة البندق التي تعود لها الحياة لمحاربة ملك الفئران الشرير.

قُدّم عرض الباليه لأول مرة في شهر كانون الاول/ديسمبر من العام 1892م بمدينة سان بيترسبرغ، وقد تضمن إحدى روائع المؤلف الموسيقي تشايكوفسكي التي ألفها في القرن التاسع عشر ورقصات من تصميم ماريوس بيتيبا وليف إيفانوف. والباليه مقتبس من قصة للكاتب الفرنسي ألكسندر دوما الأب والذي اقتبسها بدوره من قصة (كسارة البندق وملك الفئران) لأرنست هوفمان.

Ballerinas dancing in front of snowy scene (© Erin Baiano/New York City Ballet)
فرقة باليه مدينة نيويورك تؤدي باليه ’كسارة البندق‘ لجورج بالانشين. (© Erin Baiano/New York City Ballet)

القصة تحظى بشعبية كبيرة

بالنسبة لبعض شركات الباليه الأميركية، فإن عرض كسارة البندق يجتذب عددًا من الجمهور يقارب عدد ما تجتذبه بقية عروض العام مجتمعة. وذكرت رويترز في العام 2021 أن باليه مدينة نيويورك، وهي واحدة من أكبر شركات الباليه في العالم، تحقق حوالى 45٪ من مبيعات التذاكر السنوية من تشغيل عرض كسارة البندق لمدة خمسة أسابيع تقريبا. ويشاهد العرض أكثر من 100 ألف نسمة كل عام.

ونظرا لأن الإنتاج يضم الكثير من الأطفال، فإن مدارس الباليه في جميع أنحاء أميركا تنتج أيضا إصداراتها الخاصة من عرض كسارة البندق.

Two girls watching performance (© Brittany Murray/MediaNews Group/Long Beach Press-Telegram/Getty Images)
طالبتان تشاهدان عرض ’كسارة البندق‘ في مركز سنتينيلا فالي للفنون في 5 كانون الأول/ديسمبر 2019، في لونغ بيتش، كاليفورنيا. (© Brittany Murray/MediaNews Group/Long Beach Press-Telegram/Getty Images)

تجتذب المدارس الآباء والأجداد والشباب على حد سواء حيث تقوم بتعريف الكثيرين منهم على الباليه وعلى تقاليد جديدة تمارس خلال فترة عطلة عيد الميلاد.

قال المدير الفني لباليه مدينة نيويورك جوناثان ستافورد في حديث أدلى به لهيئة الإذاعة العامة في العام 2021 “لدينا أفراد من جمهورنا شاهدوا العرض وهم أطفال، والآن باتوا يجلبون أحفادهم لمشاهدته”.

بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تقديم عرض حي، فإن أحد طقوس موسم الأعياد للعديد من العائلات الأميركية هو مشاهدة فيلم “كسارة البندق لباريشنيكوف” الصادر في العام 1977، بطولة ميخائيل باريشنيكوف. يُعرض الفيلم الذي تبلغ مدته 78 دقيقة على العديد من محطات التلفزيون العامة أو خدمات البث.

ويحب الأميركيون أيضا إضافة تفسيرات جديدة إلى هذا العرض العريق. فيلم ’موسيقى هيب هوب كسارة البندق‘، الذي يعرض في العديد من المدن الأميركية، يتميز بالنغمات الكلاسيكية للملحن تشايكوفسكي ودمجها مع رقصات راقصي الهيب هوب المعاصرين.

وتقدم بعض الأماكن عروضا مصممة خصيصا للعائلات التي يعاني أحد أفرادها من طيف التوحد أو الحساسيات الحسية الأخرى.

إرث تقاليد الباليه الروسي في الولايات المتحدة

Portrait of man holding musical score (© Ernst Haas/Getty Images)
مصمم الرقصات والراقص الأميركي المولود في روسيا، جورج بالانشين، يظهر في صورة التُقطت في العام 1962 في نيويورك. (© Ernst Haas/Getty Images)

تعزو ناتالي رولاند، الباحثة في الأدب والثقافة والفنون المسرحية الروسية، الفضل إلى الراقصين الروس سيرغي دياغيليف وميشيل فوكين وآنا بافلوفا وآخرين لتقديم الباليه إلى الكثيرين في الولايات المتحدة عندما قامت شركاتهم بجولة في أميركا بين العامين 1909 و1929.

ظهر مصمم الرقصات جورج بالانشين والراقصة الكسندرا دانيلوفا، وكلاهما وُلد في سانت بيترسبرغ، كشخصيتين رئيسيتين في الباليه الأميركي.

أسس بالانشين مدرسة الباليه الأميركي في العام 1934 وفرقة باليه مدينة نيويورك في العام 1948. وقامت دانيلوفا بتدريب الراقصين من الشركات الوطنية والمحلية، بما في ذلك مسرح الباليه الأميركي، وباليه سان فرانسيسكو، وباليه سينسيناتي، وباليه واشنطن، “بالأسلوب الصارم والتصانيف الفنية المتسمة بالأبهة” لنظام المسرح الروسي، حسبما قالت رولاند.

وأضافت أن “فن الباليه الروسي ترك إرثًا دائمًا على المشهد الأميركي، ومن خلال تقليد طقوس باليه ’كسارة البندق‘، يصبح ماضيه حاضرًا في كل موسم من مواسم الأعياد.”

لقد مرت العلاقات الأميركية الروسية بمراحل عديدة على مر السنين. وعلى الرغم من الضرر الذي لحق بالعلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب حرب بوتين في أوكرانيا، فإن التقاليد الروسية الأميركية العريقة مثل باليه ’كسارة البندق‘ تسلط الضوء على العلاقات الثقافية المستمرة للولايات المتحدة مع الشعب الروسي.