إن أحد المبادئ التي تأسست عليها الولايات المتحدة هو مبدأ حرية التعبير. وبما أن التكنولوجيا قد أتاحت للناس طرقا جديدة للتعبير عن أنفسهم، فإن حماية تلك الحرية تعني حماية ليس فقط ما يُكتب في الكتب والصحف، وما يُبث على الراديو والتلفزيون، وإنما أيضًا ما يُنشر على شبكة الإنترنت.
وبسبب التعديل الأول للدستور – الذي ينصّ على أنه لا يجوز إصدار أي قانون يعوق أو يختزل حرية التعبير – فإن الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية ممنوعة من فرض الرقابة على المواد المنشورة على الإنترنت.
تقوم لجنة الاتصالات الفدرالية (FCC) بتنظيم الاتصالات بين الولايات والاتصالات الدولية عن طريق الإذاعة والتلفزيون والشبكات السلكية والبرقية والأقمار الصناعية. وعلى الرغم من أن الإنترنت لا تندرج بالتحديد تحت أي من هذه الفئات، فإن لجنة الاتصالات الفدرالية قد مارست تاثيرًا في الماضي على شبكة الإنترنت من خلال تشجيع اتاحة نشر الاتصالات المتقدمة في الولايات المتحدة.
يقول بريندن كار، أحد المفوضين الخمسة للجنة الاتصالات الفدرالية، التي يقوم الرئيس بتعيين مفوضيها لمدة خمس سنوات، “إن رؤيتنا، وبما يتفق مع التعديل الأول، هي أن نشر المزيد من المعلومات هو دائمًا أفضل وأحسن مسار.”
“يجب على الحكومة ألا تتجه نحو فرض الرقابة على الخطاب القانوني على الإنترنت، أو التخفيف من حدته، أو حظره.”
~ مفوض لجنة الاتصالات الفدرالية بريندن كار
وهذا نهج مختلف عن البلدان الأخرى، حيث تقوم الحكومات هناك في بعض الحالات بتنظيم إمكانية وصول المواطنين إلى المحتوى. وبعض البلدان تقمع المحتوى المصور والمرسوم، وتقمع الخطاب الذي تراه الحكومة خطاب كراهية وغيره من المحتوى الذي يعتبر مسيئا. وفي كوريا الشمالية، يُحْرم معظم الناس تمامًا من الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية.
وقال كار، “من الصعب جدا إصدار أحكام ذاتية حول محتوى الخطاب. ففي كثير من الأحيان يُمكن للجهات الحكومية التي تتعقب ما يسمى خطاب الكراهية أو أنواع الخطاب الأخرى أن يكون لها نظرة مختلفة جدًا لنوع الخطاب عما يراه المواطنون أو الحكومات الأخرى.”
في الولايات المتحدة، يسعى التعديل الدستوري الأول إلى حماية المعارضة السياسية.
وقد عقدت الأمم المتحدة في دبي، بالإمارات العربية المتحدة، المؤتمر العالمي للاتصالات الدولية في العام 2012 من أجل تحديث معاهدات الاتصالات الدولية لعصر الإنترنت. وانتهت الولايات المتحدة إلى قيادة كتلة من 80 دولة رفضت التوقيع على التحديثات المقترحة بسبب الخلافات حول القضايا المتعلقة بحرية الإنترنت.
يقول تيري كريمر، المدير التنفيذي بإحدى شركات الاتصالات والأستاذ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، الذي ترأس الوفد الأميركي في المؤتمر، إن أحد التحديثات المقترحة كان يسعى للحدّ من الرسائل الاقتحامية.
ويوضح كريمر أن الرسائل الاقتحامية (Spam)، في الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى، تشير إلى البريد الإلكتروني التجاري غير المرغوب فيه. وأضاف “ولكن في كثير من الحالات التي نظرنا فيها إلى ما تشیر إليه البلدان الأخرى بالرسائل الاقتحامية، وجدنا أنهم كانوا يشيرون في الواقع إلى الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر عن الحكومات. وفجأة إذ بك ترى أن الرقابة هي ما يتم تأييده والدفاع عنه. إنني أتذكر بالتحديد شعوري فعلًا بالقشعريرة.”
ويعتقد كار أن حماية المعارضة السياسية على الإنترنت هي في نهاية المطاف أمر يصبّ في صالح الحكومة.
وقال “يجب أن نتيح مجالا فسيحًا لوجهات النظر المعارِضة على الإنترنت.” وأردف قائلا، “إن حكومتنا – والحكومات في جميع أنحاء العالم – ستكون أكثر استجابة لآراء مواطنيها إذا استمعت إليهم. وإذا كان المواطنون لا يحبون ما تفعله الحكومة، فلديهم كل الحق في أن يعلنوا ذلك.”