في أغلب الأحوال تكون البدايات عبر فرصة، وربما تكون الفرصة في الدراسة أو العمل أو بفكرة لمشروع ريادي. وتتوفر هذه الفرص بتوفر الظروف والبيئة الملائمة، كالبيت الآمن والمجتمع المتماسك، وهذه هي الفرصة التي أتيحت لرائد الأعمال التركي– الكردي الأصل حامدي يولكايا، الذي قدم إلى نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية لاجئًا. ألهمه الحلم الأميركي ليبدأ مشروعه لمنتجات ألبان (Chobani) فأسّس شركة صغيرة أصبحت مع الوقت شركة عملاقة لمنتجات الألبان في أميركا.

صورة لمنتجات ألبان Chobani ©AP Photo
©AP Photo

ولد حامدي في إحدى القرى التركية الزراعية من عائلة مزارعين تملك مزرعة لتصنيع الألبان. ترك بلده وقدم  إلى نيويورك في العام 1994 طالبًا اللجوء، وبدأ بدراسة اللغة الإنجليزية ودراسة إدارة الأعمال التجارية. وفي العام 2002 وجد حامدي فرقًا في نوعية الألبان في أميركا عن تلك التي تعوّد عليها في بلده. ومن هنا ولدت لديه فكرة إنشاء معمل صغير لإنتاج الألبان تشبه الألبان التي تنتج في بلده وفي منطقة الشرق الأوسط،  فاشترى معملًا صغيرًا لإنتاج الألبان في أطراف مدينة نيويورك. ليكون حجر الأساس لمشروع ريادي ناجح  لإنتاج الألبان أسماه (Chobani) وحققت مبيعاته رقمًا قياسيًا لتصل إلى  بليون دولار في أقل من 5 سنوات. ويعتبر اليوم أشهر منتوج  ألبان يباع في الأسواق الأميركية.

إلى جانب تبرّعهُ بما يقارب نصف ثروته الى اللاجئين السوريين، حرص حامدي– وهو من المدافعين عن حقوق الأكراد- على توظيف اللاجئين في أميركا لتشجيعهم ولمساعدتهم لتغيير حياتهم وعلى بناء مستقبل أفضل. وقد أسس منظمة “خيمةTent ” وهي مكرّسة لتقديم المساعدة إلى اللاجئين. إلى جانب تبرّعاته المستمرة لحملات الإغاثة العاجلة ولإعادة بناء مدينة كوباني في سوريا. وفي حديث صحفي قال حامدي “إنني أعرف كم هو مهم بالنسبة إلى اللاجئين أن يتقبلك المجتمع، وإن هذا لا يمكن تحقيقه بدون الحصول على وظيفة.” وأضاف “لقد التقيت بلاجئين رائعين ومميّزين ومنهم العمّال الذين يبذلون قصارى جهدهم لينجحوا”.

يحث حامدي الأثرياء وكبرى الشركات في أميركا على التبرّع في حملة أسماها “الوعد بالعطاء”(The Giving Pledge). ومن أهم المشاركين في تلك الحملة مع حامدي: بيل غيتس وزوجته ميلندا، ووارن بافت، وإيلون ماسك، وعملاق الفيسبوك مارك زوكربيرغ، وبون بيكنز، وسارة بليكلي، وريتشارد برانسون، وكارل ايكان.

حامدي يولكايا يتحدث الى الجمهور ©AP Photo
©AP Photo

والنصيحة التي يسديها حامدي دائمًا عندما يُسأل عن أسرار النجاح، كما قال في إحدى المقابلات الصحفية: “سواء كنت في وادي السيلكون تعمل على ابتكار لتطبيق جديد أو في وادي زراعي في أطراف نيويورك لتصنع اللبن، هناك العديد من المكوّنات المشتركة لتحقيق النجاح.” لكن المهم من وجهة نظره هو الفرصة التي تُتاح في البداية. وعن تجربته الشخصية قال إن قصته مثل القصص الأخرى التي لا يمكن تحقيقها إلا في أميركا، فهي أرض الفرص، وفيها يمكنك تحقيق الحلم الأميركي، وأعرب عن اعتقاده في أن مثل هذه الفرص يجب أن تكون متاحة في دول أخرى لتصل إلى روّاد أعمال لديهم أفكار ناجحة ليحققوا تغييرات جذرية في جميع أنحاء العالم.