
اعتاد محبو فن أم كلثوم، قبل رحيلها، في جميع أرجاء العالم العربي التجمّع حول أجهزة الراديو مساء الخميس الأول من كل شهر للاستمتاع بأدائها المتميّز. وهنا في واشنطن، اجتمع أيضًا العديد من محبي فن أم كلثوم، وأيضًا بعض الراغبين في التعرّف عليه، لكن هذه المرة لم يكن في المساء ولم يكن يوم خميس. بل كان يوم الأحد 10 تموز/يوليو 2016، وكان الهدف تكريم فنها والاستمتاع به.

كانت أم كلثوم الحاضر الغائب. غابت بجسدها لكنها كانت حاضرة بفنها في فاعلية لتكريمها كفنانة وإنسانة، استضافها متحف فنون المرأة بالعاصمة الأميركية، وأعد المتحف تقريرًا خاصًا عن المناسبة، من إنتاج شركة (Dupont Studios).
والسبب الذي دعا المتحف لاستضافة هذه الاحتفالية شرحته سوزان فيشر ستيرلنغ مديرة البرنامج المخصّص لدور فنون المرأة في التغيير الاجتماعي بالمتحف، حين قالت: “يشرفنا أن نكرّم اليوم فنانة استطاعت أن توحّد الجماهير في جميع أرجاء الشرق الأوسط، وعبر أجيال متعاقبة، وفي جميع أرجاء العالم.”
بدأ حفل التكريم بعرض لمقدمة فيلم عن أم كلثوم: صوت مصر (Voice of Egypt) للمخرجة الإيرانية شيرين نشأت. وقُدّمت في الحفل فقرات غنائية لمقاطع من أبرز أغنيات أم كلثوم الخالدة بصوت الفنانتين لبانة القنطار، وهدى عصفور. وقد تخللت الاحتفالية ندوة دار خلالها حوار عن أم كلثوم أو كوكب الشرق كما أطلق عليها أحد كبار المذيعين الذين كانوا ينقلون حفلاتها عبر الإذاعة على الهواء منذ تألقها كمطربة. كما تناول النقاش إرث أم كلثوم الفني وبصماتها الباقية في وجدان الملايين.

وقد شارك في ندوة الحوار كل من: حزامي سيد المدير التنفيذي لمنظمة موجودة في مدينة فيلادلفيا اسمها البستان لبذور الثقافة (Al-Bustan Seeds of Culture) ولين سنيغ مديرة البرنامج الثقافي والفني في معهد دراسات الشرق الأوسط، الذي شارك في رعاية الاحتفالية بالاشتراك مع إدارة مهرجان أبوظبي للفنون والثقافة.
ومن بين المشاركين في الندوة الدكتورة لورا لومان أستاذ الموسيقى المساعد في كلية الفنون بمدينة فاليرتون التابعة لجامعة كاليفورنيا، ومؤلفة كتاب عن أم كلثوم عنوانه: (Umm Kulthum: Artistic Agency and the Shaping of an Arab Legend, 1967-2007)
لماذا اختارت أن تكون أم كلثوم موضوعًا لأول كتبها؟ سؤال أجابت عليه في لقاء خاص لموقع شير أميركا بقولها: “أولا إنني شديدة الإعجاب بمقامات الموسيقى العربية التي درستها وأدرك جيدًا مدى صعوبة أن يتوصل الفنان إلى إجادتها، وهذا ما تميّزت به أم كلثوم التي وصفتها في عنوان كتابي بأنها هي مؤسَّسة في حد ذاتها، وإنها أسطورة.”
وأكدت الدكتورة لورا لومان على أن فن أم كلثوم لم يكن وحده السبب الذي دفعها لتأليف كتاب عنها، إنما أيضًا الشخصية الفريدة التي تميزت بها، وقدرتها على مواجهة التحديات العديدة التي واجهتها خلال مسيرتها الفنية والشخصية.

ذكرت إحدى الحاضرات في الندوة أن الدكتورة لورا لومان ذكرت في الندوة حقائق مذهلة عن أم كلثوم. في لقائنا معها طلبنا منها أن تذكر بعض تلك الحقائق فقالت: “ربما قصدت إشارتي إلى الدور الذي لعبته أم كلثوم في تاريخ بلدها مصر والعالم العربي، خاصة بعد هزيمة 1967، والتي حرصت فيها على بذل كل جهودها لاستنهاض همة الأمة ومواجهة الهزيمة سواء بأغنياتها الوطنية العديدة، أو بجولاتها الفنية التي جابت فيها أنحاء البلاد، ورحلاتها حول العالم لتقديم حفلات وتخصيص ريعها للمجهود الحربي. وحثها مواطني مصر والعالم العربي، وخاصة النساء على التبرع بحليهن للغرض نفسه.”
استمتع الجمهور الغفير من الحاضرين لفاعلية تكريم أم كلثوم بالفقرات التي تضمنتها المناسبة، كان من بينهم شابة مصرية الأصل، قالت إنها أثارت فيها الحنين إلى الوطن الأصلي، خاصة وأنها مولعة بفن أم كثوم وتاريخها وتأثيرها على المرأة والتاريخ.
وشابة أخرى كانت بين الحاضرين من أصل إيراني، علمت بالمناسبة من أصدقاء لها، فبادرت بالمجيء معهم للاستمتاع بفن أم كلثوم الذي كانت تعرفه جيدًا، وأن استمتاعها فاق كل توقعاتها.
ومعجبة أخرى بفن أم كلثوم، وهذه المرة من أصل لبناني، فقد أعربت عن اعتزازها بأن مؤسسة أميركية حرصت على تكريم فنانة عربية مصرية كانت على الدوام فخرًا لكل العرب، بفنها الخالد الذي ما زال حيًا حتى بعد مرور أكثر من 4 عقود على رحيلها.
نشرت الصور (karlin villondo photo) والفيديو (Dupont studios) بالإذن من المتحف الوطني الأميركي لفنون المرأة بالعاصمة الأميركية (National Museum of Women in the Arts)