نشر المقال التالي وهو بقلم وزير الخارجية جون كيري على المدونة الرسمية لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 6 تشرين الأول/أكتوبر.
في أيار/مايو الماضي، شاركت في لحظة استثنائية. فقد كان لي الشرف، بمعية العديد من الزعماء من جميع أنحاء أفريقيا، أن أكون شاهدا على أول انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة بين حزبين سياسيين في نيجيريا.
وكنت قد زرت لاغوس في وقت سابق من العام للتوكيد على أن نيجيريا باتت بالنسبة للولايات المتحدة، شريكًا استراتيجيًا متزايد الأهمية يضطلع بدور حاسم يلعبه في أمن المنطقة ورخائها. كما صرحت بأنه من الضرورة الملحة أن تحدد تلك الانتخابات معيارًا جديدًا للديمقراطية في عموم القارة السمراء.
ومما لا شك فيه بأن هذه اللحظة تعتبر لحظة حاسمة للديمقراطية في أفريقيا. وفي وقت لاحق من الشهر الحالي، من المقرر أن تجري أربعة بلدان هي:- غينيا، وتنزانيا، وساحل العاج، وجمهورية أفريقيا الوسطى-انتخابات رئاسية. وبعدها بقليل نأمل أن نشهد انتخابات في بوركينا فاسو. وعلى أبناء الشعوب في عموم القارة الأفريقية أن يغتنموا هذه الفرصة السانحة لإسماع أصواتهم وعلى القادة عبر القارة أن يصغوا إليهم.
إن التحديات الماثلة حقيقية. فعلى مدى عقود من الزمن وقف الجوع والفقر والحرب والقيادات الاستبدادية حجرة عثرة أمام بزوغ عصر من الرخاء والاستقرار في أفريقيا.
وتلك التحديات وغيرها ينبغي ألا يساء تقديرها لكن علينا كذلك ألا نتجاهل المكاسب التي تتحقق.
في أفريقيا وأماكن أخرى، ثمة توق شديد لحكومات تكون شرعية ونزيهة وفعالة. ويجب ألا يكون هناك أدنى شك في أن التقدم الحاصل في نظام الحكم الديمقراطي سوف يعود بمكاسب ومنافع في كل مجال آخر نحن معنيون به.
ففي بوركينا فاسو أكّد المواطنون الشجعان والمصممون إرادتهم وذلك بمعارضتهم بنجاح الجهود الرامية لكبح العملية الديمقراطية: مثلا في العام الماضي، حينما سعى الرئيس السابق لتعديل القيود المفروضة على مدة فترة الولاية الرئاسية وتمديد الـ27 من ولايته في الحكم؛ ومن جديد في الشهر الماضي، حينما تظاهر مواطنو بوركينا فاسو ضد محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة من قبل عناصر كتيبة الأمن الرئاسي.
وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية شاهدنا مواطنين يرفعون أصواتهم عاليا مجازفين أحيانا بحياتهم، للضغط من أجل إجراء انتخابات شفافة وفي وقتها المحدد وتتسم بالمصداقية.
كما شهدنا نفس ذلك التوق للديمقراطية خارج افريقيا . فقد أجرت إندونيسيا وسريلانكا وباناما انتخابات جامعة ومنظمة جلبت زعماء جددا للسلطة وعززت المؤسسات الديمقراطية.
أما التحدي الماثل في انتخابات أفريقيا المقبلة فيكمن في سد الحاجة للديمقراطية، والتقيد بالمعايير التي يتوقعها الأفارقة ويستحقونها. والبلدان التي من المقرر أن يتوجه مواطنوها إلى صناديق الاقتراع فيها تتفاوت بصورة كبيرة من ناحية تاريخها وظروفها، بيد أن لكلا منها فرصة لتعزيز مؤهلاتها الديمقراطية ودفع عجلة النمو الاقتصادي والرخاء المشترك.
وبإمكان جمهورية ساحل العاج أن تضع الانتخابات العسيرة والعنيفة التي جرت في 2010 في خبر كان، وتستأنف مكانتها كزعيمة إقليمية.
أما تنزانيا فهي تتأهب لرابع انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين منذ الاستقلال. وباحترامه المادة في الدستور التنزاني التي تحدد ولاية الرئيس بفترتين، وتنحيه عن المنصب، يكون الرئيس الحالي كيكيويتي قد أرسى منافسة ديناميكية وصحية بين المتنافسين على خلافته في الرئاسة.
وقد بدأت غينيا بتجاوز ويلات وباء إيبولا. لكن مواطنيها يطالبون كذلك بعملية انتخابية تتيح لهم إسماع أصواتهم.
وفي الوقت نفسه، تعمل الحكومة الانتقالية في بوركينا فاسو على ترسيخ التزامها بالديمقراطية من خلال إجراء انتخابات شفافة وفي الوقت المحدد لها.
الانتخابات هي ذات أهمية حيوية. ولكن لا نخطئ: إن الانتخابات لا يمكن أن تكون اللحظة الوحيدة أمام المواطنين كي يرسموا مستقبلهم. فالناس يجب أن يكونوا قادرين على التعاطي مع حكوماتهم ومع إخوانهم المواطنين في حوار ونقاش سياسيين ليس فقط في يوم الانتخابات ولكن في كل يوم من أيام السنة.
وبنفس القدر من الأهمية هو احترام حدود فترة الولاية الرئاسية. فلا يمكن احترام الديمقراطية حينما يعدل الزعماء الدساتير القومية لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. كذلك، فإن المرشح الخاسر مدين لبلده بأن يقبل النتيجة وأن يمارس دورًا بناء في إيجاد وتنفيذ حلول للتحديات المشتركة.
إن إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وسلمية ديمقراطية ناجحة لا يضمن قيام ديمقراطية ناجحة. ولكن الانتخاب هو أحد أهم المعايير للتقدم في أي بلد نام. والدول التي ستجري انتخابات في وقت قريب أمامها فرصة سانحة لتدعيم مؤهلاتها الديمقراطية وتقريب قارة بكاملها من تحقيق التطلعات الراسخة والمبررة بصورة بارزة لشعوبها بإسماع أصواتهم.
والولايات المتحدة سوف تظل ملتزمة بالمساعدة في جعل هذه التطلعات حقيقة واقعة.