من جبل سنجار وبعد عام على سقوط مدينته بأيدي داعش، ينقل الفنان اليزيدي ناصر حجي كسو عبر لوحاته الفنية حجم المعاناة التي مرّ بها مع عائلته، وكل من يسكن هذه المنطقة من الطائفة اليزيدية.

ففي صيف العام الماضي، أجبرت همجية تنظيم داعش العوائل اليزيدية التي تقطن المناطق المحاذية لجبل سنجار شمال العراق،  للجوء إلى الجبل هربًا من القتل والاسترقاق، كما طالت همجية هذا التنظيم المسيحيين والمسلمين في شمال ووسط العراق.

لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل جبل سنجار
لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل جبل سنجار

وبلغت أوجها عندما امتدت أيديهم لتدمير المواقع الأثرية والأديرة والمساجد التاريخية التي تحمل عبق التاريخ وحضارة تناقلها سكان هذه المناطق على مدى قرون من الزمان.

الايزيديون أو اليزيديون، أقلية دينية تعود أصل تسميتهم إلى الكلمة الفارسية “ايزيد” بمعنى الملاك، أو “يزيدان” بمعنى الله، وهو ما جعل تسميتهم تتراوح بين “الايزيديين” و”اليزيديين”، وهم يعيشون بالقرب من مدينة الموصل في منطقة جبال “سنجار” أو”شنكال” الواقعة غرب محافظة “نينوى” في شمال العراق. وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا، إيران، جورجيا وأرمينيا.

وكانت الأقلية اليزيدية في العراق إحدى ضحايا هذا التنظيم، وقد وجدوا أنفسهم تحت أضواء الصحافة عبر العالم ليسردوا قصة الظلم الواقع عليهم كأقلية في منطقة تقع على حافة الهاوية.

لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل النساء في سجون داعش
لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل النساء في سجون داعش

أجرى الكاتب والصحفي رضا الرومي في صحيفة فرايدي تايمز، والذي يعمل في منظمة الصندوق الوطني للديمقراطية، في العاصمة واشنطن The National Endowment for Democracy (NED)  لقاء مع ناصر، وهو يدرس اللغة الإنجليزية في جامعة زاخو في شمال العراق. وقد أثارت لوحات ناصر التي نشرها عبر تويتر، اهتمام الصحفي، وبيّنت حجم المعاناة التي تمر بها هذه الأقلية، وحجم الإبادة الجماعية التي تعرّضت لها على أيدي تنظيم داعش.

وكان ناصر قد انتقل مع عائلته للعيش في مخيم خانقي في مدينة دهوك في منطقة كردستان في شمال العراق، تاركين كل ما يملكون خلفهم. وقد نجحوا في إيجاد مسلك للهرب من جبل سنجار التي حاصرها تنظيم داعش عقب سيطرته على مدينة الموصل.

قرّر ناصر أن يحارب بطريقته الخاصة التي لم يفكر بها أحد من أبناء مدينته، فهو يؤمن بأن تعبيره الفنّي أفضل وسيلة للقتال، فلوحاته هي سلاحه لمحاربة داعش والظلم الواقع على أبناء مدينته، فاستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لنقل الصورة ونقل ساحة معركته إلى العالم. ونجح بذلك بلا شك.

لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل النساء في سجون داعش
لوحة للفنان اليزيدي ناصر تمثل النساء في سجون داعش

تعكس اللوحات الفنية التي رسمها الفنان ناصر صورة الواقع المرير الذي تعيشه الطائفة اليزيدية. وفي لوحاته رسم ناصر استرقاق النساء اليزيديات ومعاناتهن تحت أسر تنظيم داعش. وصف ناصر أحوال معيشة الطائفة اليزيدية في حديثه الصحفي فقال: “إننا نعيش مع الآلاف في هذه المخيمات، ونعاني من الظروف القاسية التي تفوق طاقة تحمل الإنسان.”

لوحة للفنان اليزيدي ناصر لامرأة يزيدية
لوحة للفنان اليزيدي ناصر لامرأة يزيدية

وفي إحدى تغريداته على موقع تويتر، كتب ناصر يقول: “تروّعني وحشية تنظيم داعش في تعامله مع النساء والفتيات اليزيديات”. وكتب في تغريدة أخرى: “يمكننا تحمّل الجوع والعطش، وحرارة أو برودة الجو….

ولكن لا يمكننا العيش من دون نسائنا وأمهاتنا وأخواتنا اللاتي اختطفهن داعش”. وأضاف: “نحن نحارب من أجل مكاننا في هذا العالم … ويجب استعادة كرامتنا حتى قبل أن يتم تحرير أرضنا.”