أثناء طفولتها، اعتادت مديحة حميد أن تقلد ما يحدث في برامج الطبخ التي يعرضها التلفزيون بأن تتظاهر بتقديم برنامجها الخاص لإعداد الأطعمة– داخل منزلها. وهي تتذكر قائلة، “كنت أضع جميع المكوّنات أمامي في أوعية صغيرة مثلما يحصل في البرامج التلفزيونية. وثم أتكلم مع نفسي مخاطبة مستمعين خياليين.”

ولا عجب إذًا أن مديحة حميد عندما كبرت وأصبحت تود فعل شيء يخفف وطأة الحياة اليومية، لجأت إلى إعداد الأطعمة. فهي، كما تقول، “شرعت بكتابة مدوّنة شخصية حول الأطعمة، وبدأت من خلالها توثيق جميع الأطباق ذات النكهات التي أعرفها من باكستان. في بادئ الأمر، كنت أرغب بأن تصبح المدوّنة النسخة الإلكترونية من دفتر الوصفات ذات المكوّنات السرية التي كانت تحتفظ بها أمهاتنا… في الأدراج.”
أطلقت المدوّنة “شيفلينغ تيلز” (Chefling Tales)، أي حكايات طهاة ماهرين، أولًا كهواية إلى جانب تخصّصها الآخذ في الازدهار في مجال التسويق الرقمي (الإلكتروني). وظل الأمر عند هذا الحد إلى أن سافرت إلى تايلاند لتمضي بعض الوقت. هناك، بدأت ترى أنها يمكن أن تصنع من هوايتها شيئًا يدرّ عليها المكاسب المالية في نهاية المطاف.
وتقول في هذا الصدد، “أدركت أن مذاق ونكهة الطعام الباكستاني الموجود خارج باكستان لا يتطابق مع الأصل”. وأرادت أن تقدّم للعالم المأكولات التي تُطبخ في المنزل داخل بلادها “بشكلها الحقيقي، كما يتناولها المواطن الباكستاني”.
ولذا، قرّرت أن تحوّل مدوّنتها إلى مشروع تجاري. فحسبما قالت “لم يكن لدينا موقع إلكتروني في باكستان يروّج لأطباق المطبخ الباكستاني. وأدركت أنني بحاجة لاتخاذ خطوة أكبر من مجرّد الإشراف على إدارة مدوّنة للأطعمة من المنزل على مستوى الأسرة. ومع تحوّل قطاع الإعلان التقليدي في باكستان “إلى الإعلان الرقمي، رأيت فرصة كبيرة للعمل مع الشركات صاحبة العلامات التجارية في مجال الإنتاج الغذائي وروّاد الأعمال.”
مقوّمات النجاح
كانت الخطوة الأولى في توسيع نطاق مدوّنتها “شيفلنغ تيلز” توظيف “فريق تطوير وتصميم ممتاز. وقد عملنا لمدة ثمانية أشهر من أجل التوصل إلى المنتج الذي نريده، مع التركيز على تبسيط التجربة بالنسبة للمستهلك.”
بيد أن مجرّد إنشاء موقع إلكتروني جيد لم يكن كافيًا، كما أدركت مديحة. “فبالنسبة لأي منتج، تُعتبر المرحلة الابتدائية الترويجية في غاية الأهمية.”
ولحسن الحظ، حصلت على مساعدة من مركز وي كرييت/باكستان لريادة الأعمال النسائية، بالشراكة مع المجلس النسائي الأميركي– الباكستاني: “أعطاني مركز (WECREATE) فرصة للعمل مع بعض المرشدين وأيضًا للتعلم من شركات ناشئة أخرى. وساعدني في نشر المعلومات عن مشروعي والدعاية له.”

كان أحد أكبر التحديات التي واجهتها جذب الجمهور المناسب، وهو أمر مهم لتحويل المحتوى إلى مورد مالي. وكما توضح حميد، “كان المحتوى لديَّ عظيمًا، ولكن من أجل ضمان وصوله إلى الناس، كان عليَّ أن أكون صبورة، وأن استثمر في التسويق.”وفي سبيل تحقيق ذلك، شرعت في “تأسيس شبكة من الشركاء للمحتوى الرقمي (الإلكتروني) يستطيعون تبادل المحتوى معنا”. كما تواصلت أيضًا مع مدوّنين آخرين وأطراف مؤثرة، وبادرت إلى إدارة حملة علاقات عامة إلكترونية.
عنصر جديد لوصفات طعام قديمة
لم تكن حميد وفريق عملها المستفيدين الوحيدين من نمو نجاح موقع “شيفلنغ تيلز”. وبفضل مبادرة أسمتها (Cheflings from the Fringes) أو طهاة ماهرون من المناطق النائية، سوف تتمكّن المئات من النساء الباكستانيات في المناطق النائية من البلاد من كسب المال من خلال مهاراتهن في إعداد الأطعمة.
وتفسّر حميد ذلك بالقول، “بدلًا من انتظار تلقي التبرعات أو الحاجة لتعلم مهارة أخرى، بات باستطاعة هؤلاء النساء تبادل الوصفات المفضلة لديهن معنا، ونحن بدورنا نتبادلها مع العالم. وتقول حميد “إننا ندفع لهن مقابل كل وصفة في المدوّنة، وهذه الوصفات تضيف بدورها محتوى فريدًا من نوعه إلى موقعنا الإلكتروني.”
تأمل حميد بتوظيف أكثر من 500 امرأة عبر باكستان خلال السنوات الخمس المقبلة. ولكنها تعرف أن فعل ذلك يجب أن يكون له عائد من الناحية التجارية. وهي تؤكد “إننا نخطّط لتقاسم العائدات مع هؤلاء النساء على أساس ردود الفعل تجاه ما يساهمن به من وصفات. هذه هي الطريقة المستدامة للمحافظة على استمرارية هذا المشروع.
هل أنت جاهزة للطهو؟
هل تفكرين في تحويل مدوّنتك إلى مشروع أعمال؟ تقدم لك مديحة حميد هذه النصائح لتحقيق النجاح:
- فكري بجمهورك وبما يرغب في قراءته ومشاركته.
- ليكن لكِ نقطة تركيز واضحة وتحمسي لما تكتبين عنه.
- بادري إلى وضع نموذج مشروع تجاري واضح حول كيف تخطّطين لكسب المال. بإمكان الإعلانات التقليدية و”المحتوى الأصلي”، أو المشاركات التي يكون لها رعاة، أن تساعد في تحقيق ذلك.
- لتكن لك اتصالات داخل إطار الصناعة مع الذين يمكنك إقامة شراكات معهم.
.