يقول دعاة الحفاظ على البيئة إن المبادرة الصينية التي تُعرف باسم ’حزام واحد، طريق واحد‘، وهي حملة غامضة تركز على بناء مشروعات للبنية الأساسية في العالم تقدر تكلفتها بتريليون دولار، تدمر الموائل أو المواطن الطبيعية للكائنات الحية وتهدد فصائلها بالانقراض.

الهدف المعلن لتلك المبادرة، حزام واحد، طريق واحد، التي تعد من بنات أفكار رئيس الحزب الشيوعي الصيني تشي بيغ، هو بناء شبكة من خطوط السكك الحديدية، وخطوط أنابيب الطاقة، وطرق رئيسية، ومعابر حدودية في 130 دولة. وعدد كبير من تلك المشروعات يجري حاليًا بالفعل، ويُزعم أنها ستُستكمل بحلول العام 2029.

ويقول دعاة الحفاظ على البيئة إن تلك “الاستثمارات أخفقت في الوفاء بمتطلبات الحفاظ على البيئة وإنها ستُكبد التنوع البيولوجي خسائر جمة، رغم ادعاءات بكين في المبادرة أن المشروعات “تعزز التعاون بشأن حماية البيئة والتنوع البيئي وستبني نظامًا بيئيًا سليمًا.” فالممرات التي تشمل الطرق، ومشروعات الطاقة، والموانئ والمطارات والكباري وخطوط السكك الحديدية ستخترق نظمًا بيئية هشة، خاصة في المناطق الاستوائية مثل مناطق الغابات بأرخبيل الجزر الإندونيسية.

يقول البروفيسور ويليام لورنس مدير مركز علوم استدامة المناطق الاستوائية والبيئية بجامعة جيمس كوك في شمال كوينز لاند بأستراليا إن “هذه المنطقة هي خط الدفاع الأول للعديد من الفصائل، وإن تلك المبادرة بمشروعاتها ستمثل اضطرابًا وتدميرًا بشعًا وتدهورًا لمواطن تلك الفصائل من الكائنات الحية.”

تهديد المواطن الطبيعية للكائنات الحية

خطط إنشاء سد للطاقة الكهرومائية في شمال جزيرة سومطرة الإندونيسية يهدد الموئل أو الموطن الطبيعي البيئي لفصيلة إنسان الغاب (أورانغوتان) تابانولي، التي لم يتبق منها سوى أقل من 800 في جميع أرجاء العالم. فالسد، وهو جزء من مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية بدعم من بنك الصين، سيتسبب في حدوث فيضان في غابة باتانغ تورو، التي تعيش فيها تلك الفصيلة من القردة الضخمة. علاوة على أن شق الطرق للخدمات في تلك المنطقة سيضاعف الإضرار بالغابات الاستوائية، حسبما يقول لورانس.

وأضاف أن المنطقة المطلة على المحيط الهادئ من قارة آسيا تفتخر بأنها تحتوي على مجموعة متنوعة رائعة من الفصائل، وأن نسبة كبيرة من تلك الفصائل نادرة جدًا وغالبًا تكون مهددة بالانقراض. “إنها نقطة جذب عالمية مهددة بالخطر، وكلما نظرت حولك هناك تجد مشروعات ضخمة لمبادرة الحزام والطريق جارية فيها.”

ويقول لورانس إن الحزب الشيوعي الصيني “يعربد بقسوة” في بحر الصين الجنوبي إلى جنوب المحيط الهادئ إلى أميركا اللاتينية. والآن توجد أنشطة استثمارية ضخمة في أفريقيا، كما يتزايد تحركها نحو المنطقة القطبية.”

أشخاص يرتدون أقنعة تشبه وجوه قردة أورانغوتان (© Aditya Irawan/NurPhoto/Getty Images)
نشطاء للبيئة يرتدون أقنعة تشبه وجوه قردة أورانغوتان يتظاهرون خلال يوم العمل الدولي للاحتجاج ضد بنك الصين في 1 آذار/مارس 2019، في جاكرتا، إندونيسيا. تريد الحركة وقف تمويل بنك الصين لبناء محطة الطاقة الكهرومائية في باتانغ تورو والتي قد تعرّض آخر 800 قرد من نوع أورانغوتان تابانولي للخطر. (© Aditya Irawan/NurPhoto/Getty Images)

من ناحية أخرى قال أليكس ليشنر المحاضر في مركز لينكون لدراسات سلامة المياه والكواكب بجامعة لينكون بإنجلترا إن “أي تطوير في تلك المناطق السليمة سيكون له أثر من نوع ما. إننا نفقد هذا التنوع البيولوجي الرائع كما نفقد فرص تسليمها إلى الأجيال القادمة.”

وفي بحث نُشر مؤخرًا في المجلة العلمية (Conservation Biology)، صاغت أليس سي هيوز، الأستاذة في حديقة شيشوانغبانا الاستوائية النباتية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، وزملاؤها نموذجًا للطرق التي يتم تخطيطها لمشاريع مبادرة ’حزام واحد، طريق واحد‘ وتوقعوا أن أكثر من 4138 نوعًا من السلالات الحيوانية و 7371 نوعًا من النباتات ستتضرر. وفي تايلاند وكمبوديا، على سبيل المثال، ستقطع السكك الحديدية المقترح إنشاؤها الموائل الطبيعية التي تعيش فيها سلالات متنوعة من الثدييات.

وقالت هيوز إنه “نظرًا لأن العديد من المناطق التي ستغطيها مبادرة ’الحزام والطريق‘ هي مناطق شهدت تطورًا ضئيلًا نسبيًا، فقد يكون لها تأثيرات كبيرة جدًا على التنوع البيولوجي.”

وقال ليشنر، “إن الأمر لا يتعلق فقط بالأثر الذي يتركه الطريق أو السكة الحديد، بل يتعلق بجميع الآثار غير المباشرة، مثل المباني الجديدة التي تأتي مع الطريق. فعندما يتم بناؤها، لا يمكننا العودة إلى الوراء.”

خطة لحماية البيئة

قال ليشنر إنه من المهم في المراحل الأولى من المشروع أن يكون لديك خطط تتضمن اعتبارات لحماية البيئة. ويمكن للمخططين “أن يتوقفوا قليلا ويسألوا ’هل يجب أن تكون هذه المباني موجودة في المقام الأول؟‘ لأن هذه مناطق محميات لها أهمية خاصة.” وقال إنه إذا تم المضي قدما في المشاريع، فيجب أن تقلل الخطط من حجم الضرر. وأضاف ليشنر “إذا كان لديك جسر، فيمكن للكائنات البرية أن تتحرك تحته. وإذا كان لديك نفق، فيمكنها عبوره. ويمكن أن يكون لديك جسور للكائنات البرية وما إلى ذلك. وإذا تم تصميمها بشكل جيد، فيمكن التقليل من الآثار [الضارة].”

وقالت إليزابيث لوسوس، الزميلة المتمرسة في معهد نيكولاس لحلول السياسات البيئية بجامعة ديوك في دورام بولاية نورث كارولينا، إن سوء التخطيط، الذي ابتُليت به بعض مشاريع مبادرة ’الحزام والطريق‘، يمكن أن يكون مدمرًا للتنوع البيولوجي. وأضافت أن البناء المخطط له بشكل سيئ يمكن أن يلحق ضررا كبيرا. وقالت، “بحلول الوقت الذي يتم فيه الكشف [عن مثل هذه المشاريع] من خلال تقييمات الأثر البيئي، غالبًا ما يكون قد فات الأوان لإيقافها.”

ومن ناحيتها، تدعو منظمات مثل منظمة الأنهار الدولية ومجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، بشكل متزايد، إلى اعتماد المزيد من النهج البيئية لمشاريع مبادرة ’الحزام والطريق‘.

وذكرت لوسوس أنه في كثير من الحالات، لم يفت الأوان لإجراء تغييرات. فقد تباطأ بناء مشاريع البنية التحتية بسبب الوباء، مما يمنح البلدان وقتا للتفكير. وقالت “إن هناك بالفعل فرصة كبيرة الآن.”

وأضافت لوسوس، “لقد تباطأت أنشطة مبادرة الحزام والطريق كثيرًا. لكن الطريقة التي سيجري بها تكثيفها وتسريعها سيكون لها تأثير هائل على التنوع البيولوجي.”

هذا المقال بقلم الكاتبة المستقلة ليندا وانغ.