
الطالب الجامعي، جوري فلمينغ، الذي تم اختياره مؤخرًا للحصول على منحة رودس، يعتبر الطالب الأكثر تكريمًا في تاريخ جامعة ساوث كارولينا الذي يمتد 215 سنة. وهذا الطالب البالغ من العمر 22 عامًا، الذي يدرس مادة الجغرافيا والعلوم البحرية، متفوق جدًا في دراسته ويسجل درجات جيدة وقد فاز بثلاث جوائز مرموقة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن كل طالب جامعي يحصل على منحة رودس لا بد أن يكون متفوقًا ويستوفي كافة المؤهلات المطلوبة. لكن ما يميز فلمينغ عن غيره هو أنه مصاب بالتوحد. كما أنه مصاب باضطراب في عملية التمثيل الغذائي .
التوحد، أو اضطراب طيف التوحد، هو اسم لمجموعة واسعة من الاضطرابات التي تجعل من الصعب على المريض التفاهم مع الناس والنظر إليهم مباشرة بعينيه والتعامل مع الآخرين. وقد يكون هذا المرض مجرد إعاقة بسيطة بالنسبة للبعض، ولكنه قد يشكل إعاقة شديدة للبعض الآخر.
يقول فلمينغ، الذي تخلت والدته عن خطتها الرامية لممارسة الطب لكي تتولى تدريسه في المنزل، إنه “تمّ تشخيص إصابتي في سن مبكرة جدًا”. وفي بادئ الأمر كانت أمي موجودة لتقوم بتدريسي، ولكن ابتداء من المدرسة المتوسطة (الإعدادية) لا سيما في المرحلة الثانوية كنت أدرس نفسي بشكل مستقل.”
وبدأ يخرج من عزلته، ويتابع بعض الصفوف الدراسية مع بعض الطلاب الآخرين الذين يتابعون الدراسة المنزلية بدلا من الالتحاق بالمدارس الرسمية. وقد انضم إلى نادي شكسبير المسرحي الخاص بهؤلاء الطلبة. كانت هوايته المفضلة: التمثيل في فرقة التلعثم في مسرحية “حلم ليلة في منتصف الصيف” لشكسبير التي تدور أحداثها ما بين أثينا القديمة (عاصمة اليونان) والغابة حيث يتداخل عالم الجن مع عالم الإنس.
Rhodes Scholar and Honorary Captain of today's game Jory Fleming and his service dog Daisy. https://t.co/tsMJ5Jvukv pic.twitter.com/NjkhJ4VvKJ
— Katie Dugan (@KBDugan) January 15, 2017
أعلاه: صور نشرة إعلامية على موقع تويتر وتحتها تغريدة تقول: الطالب الجامعي الحائز على منحة رودس والقائد الفخري لمباراة اليوم جوري فلمينغ وكلبه ديزي.
إلا أن المثبطات والعوائق لا تزال قائمة. إذ يستطرد قائلا: “إنني لا أجد أية متعة في المناسبات الاجتماعية الكبرى قط. ولكن في وقت ما بدأ تفكيري يتغير رويدًا رويدًا. إذ إن كفة الإيجابيات ترجح كفة السلبيات”.
أشار أستاذ الجغرافيا جان إيليس، والمرشد الأكاديمي لفلمينغ، إلى أن عليه أن يتقدم بطلب للالتحاق ببرنامج هولينغز ليعمل متدربًا في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. وعقب ذلك ما لبث أن حصل على منحة غولدمان وترومان، وفي نهاية المطاف حصل على منحة رودس.
أدرك إيليس الإمكانات التي يتمتع بها فلمينغ منذ البداية. إذ يقول في هذا الصدد “لقد كنت أنظر إليه كشخص وإلى كل ما يتمتع به من صفات، ولم أكن أعير أي اعتبار لعدم قدرته على التعلم”. اتضح لي بسرعة أنه يستطيع استيعاب كميات هائلة من المعلومات بطريقة لا يمكن أن يضاهيه فيها الطلاب الآخرون. وأضاف، “إنه يملك كل شيء– إنه ذكي جدًا، إضافة إلى أنه لطيف ومتواضع”.
وسوف يرافق فلمينغ كلب الخدمة الذي لديه من نوع لابرادور واسمه ديزي، إلى جامعة أكسفورد التي من المقرر أن يلتحق بها للدراسة.
وفي إشارة إلى كلبه الذي يرافقه في حله وترحاله، يقول فلمينغ إنه “لم يكن أحد يعرف اسمي قبل الحصول على منحة رودس، ولكن الجميع كانوا يعرفون ديزي. وقد أتيحت لي الفرص للتعرف على الكثير من الطلاب الذين كان لديهم حنين ويشتاقون لكلابهم”.
وها هو فلمينغ يصبح الآن واحدًا من المشاهير، حيث تمّ تكريمه في الشوط الثاني من مباراة لعبة كرة السلة في الجامعة بسترة رياضية وخوذة كرة قدم أميركية موقّعة.
في السابق لم يكن أحد يعرف أنه مصاب بالتوحد سوى عدد قليل من الأصدقاء المقربين. ويقول إنه لم يتطرق للحديث عن هذا المرض أبدًا. ويضيف أن “هذه هي الحال بالنسبة للكثير من الناس الذين يعانون من التوحد. فإما أنها لا تظهر عليهم أية إشارات تدل على ذلك، أو أنهم مثلي، بارعون فعلا في السيطرة عليها في الأماكن العامة”.
يرى فلمينغ، الذي يرمي إلى نيل شهادة دكتوراه بعد الحصول على شهادة الماجستير من جامعة أكسفورد، أن قصته بمثابة درس يمكن للجميع الاستفادة منه، وليس فقط الذين يعانون من إعاقات.
وأوضح أن “السبب الذي جعلني أفوز بالمنحة يكمن في أنني تقدمت بطلب. قد يكون ذلك أمرًا بديهيًا، ولكنك لن تفوز بأي شيء إذا لم تبادر وتجرّب شيئًا جديدًا”.
ويتابع قائلا: “قد يكون مصير هذا الطلب في الغالب الرفض، ولكنه قد يلقى قبولا واستحسانًا. فإذا لم تتخذ هذه الخطوة، فإنك لن تعرف أبدًا النتيجة.”
يذكر أن فلمينغ واحد ضمن 31 طالبًا أميركيًا و64 طالبًا من دول أخرى جرى اختيارهم مؤخرًا للحصول على المنحة التي خصّصها لهذا الغرض قطب التعدين سيسيل رودس في العام 1902.