كانت بيجال داماني مديرة تسويق تكسب مبلغًا جيدًا من المال عندما قررت ترك وظيفتها والبدء من جديد كمدرسة لعلم الاقتصاد. إلا أن عملها في مدرسة اس ان كانساغرا، أكبر مدرسة خاصة في راجكوت بالهند، ترافق مع تحديات جديدة. كان من المتوقع منها أن تستخدم طريقة التعلم القائمة على التلقين والحفظ عن ظهر قلب التي اعتبرتها غير فعالة، وكان المعلمون الآخرون ينظرون إلى بعض الطلاب الأكبر سنًا بأنهم وقحون.
لذلك قررت داماني تعليم مهارات الأعمال والتسويق التي تستند إلى الحياة الواقعية. طلبت من طلابها أن يخططوا لإنشاء وإدارة سوق شعبية لكي يبيعوا فيها البضائع. وكان عليهم تسويق هذا الحدث قبل وقت من إقامته. كما كان عليهم تأمين التمويل وتتبع النفقات والأرباح، فيتعلمون مهارات المحاسبة خلال ذلك. وعلى الرغم من شكوك المسؤولين الإداريين في المدرسة، أطلق طلابها “سوق غالاكسي” في عام 2005 ليتزامن مع مهرجان هندوسي كبير. وكان ذلك أول قرار تسويق ناجح يتخذونه. أما قرارهم الثاني فكان تأمين مصدر بضائع من بائعين مسؤولين اجتماعيًا وبيئيًا والإعلان عن تلك السياسة.
عقب تنظيم السوق، أفاد 28 طالبًا مشاركًا بتحقيق أرباح واقترحوا إنفاق 8 آلاف روبيه (133 دولار) للاحتفال بالنجاح. ولكن داماني جعلتهم يقومون ببعض الحسابات أولاً. فتعلموا جراء ذلك أن “ما ينفقونه على فنجان قهوة قد يُطعم أسرة فقيرة لمدة أسبوع”. وكانت تلك اللحظة نقطة تحول بالنسبة لهم.
وبعد الكثير من المناقشات، قرر الطلاب استثمار مال الاحتفال في تعليم طلاب محرومين. قالت داماني، إن “التبرع بالمال المكتسب بشق الأنفس يشكل الخطوة الأولى نحو التعاطف.”

تحتضن المدرسة اليوم السوق بكل إخلاص باعتباره حدثا سنويًا وجزءًا مهمًا من مناهجها. وقد تطور المشروع ليشمل 170 طالبًا وهو ينتج أرباحًا تتجاوز قيمتها 23 ألف دولار. منذ عامه الأول، تبرع المشروع بمبلغ 70 ألف دولار لتسديد أقساط تعليم 1500 فتاة محرومة. وهناك مدارس أخرى في المنطقة متحمسة لاستنساخ هذا النموذج.
يتولى الطلاب في صف داماني أيضًا إدارة محافظ استثمارية افتراضية ويبتكرون منتجات يمكنها حل المشاكل في المجتمع المحلي. وقد تخلوا عن طريقة حفظ الدروس عن ظهر قلب من دون فهم. ذكرت داماني أن هدفها النهائي هو تعليم الاندماج والتعاون والتعاطف والمعايير الأخلاقية. وأضافت “إن القيم المغروسة في الأذهان خلال مرحلة عمرية يسهل التأثير فيها عليهم تبقى معهم أينما ذهبوا ومهما فعلوا.”
وفي الحقيقة، إن معظم الطلاب الذين شاركوا في إدارة سوق “غالاكسي” عام 2005 هم الآن راشدون ويديرون شركات أعمال ناجحة أو يعملون بمهن احترافية. ومعظمهم يستمر في رعاية تعليم الأطفال المحرومين.
داماني هي واحدة من المرشحين النهائيين في مسابقة العام 2015 للفوز بالجائزة العالمية للمعلم التي تبلغ قيمتها مليون دولار والتي تقدم للمعلم المتميز. وكثيرًا ما يشار إليها باسم جائزة نوبل للتعليم، وهي مفتوحة أمام المعلمين في كل مدرسة في كل بلد من بلدان العالم.