قضت سنّة الحياة أن تندثر أشغال وصناعات متوارثة طيلة أجيال من الزمن لتحلّ محلها صناعات تقنية ناشئة.

فقد ظلّت مدينة لاهور الباكستانية المتاخمة للحدود الهندية تشتهر بمهارة الإسكافيين فيها عبر عقود من الزمن. ولكن يبدو أن هذه الحرفة القديمة متجهة نحو الانقراض بعد أن أغرقت الأحذية المستوردة والمصنّعة بالجملة البلاد. والآن، يعمل رائدا أعمال، هما: وقّاس علي وسيدرا قاسم، مع  شركتهما التي تدعى مارخور على إيجاد سوق جديدة تباع فيها على الانترنت أحذية لاهور الجميلة.

اسكافي من شركة مارخور يصمم صندل شابال (بالإذن من مارخور)
اسكافي من شركة مارخور يصمم صندل شابال (بالإذن من مارخور)

أدرك علي وقاسم أن لديهما منتجًا جيدًا. وقالت سيدرا: “بعد العمل مع الحرفيين والتحدث مع الزبائن لأكثر من عامين، تعلمنا بعمق حول الجودة والتصميم وما يمكن تحقيقه.”

ولكن لإنشاء سوق على الانترنت، يحتاج الاثنان إلى رأسمال. وبعد عدة محاولات محدودة للتسويق، أطلق علي وقاسم حملة على موقع التمويل الجماهيري كيك ستارتر (Kickstarter)، واستجاب المناصرون بسخاء.

قالت سيدرا: “لم نتمكن فحسب من تحقيق هدف جمع الأموال في أقل من يوم واحد، إنما سمح لنا ذلك بوضع أهداف “ممتدة”، تتصل مباشرة بمهمتنا لإحداث تأثير اجتماعي.”

أكثر من ربح المال

يشعر علي وسيدرا برابط مع صنّاع الأحذية لأنهما ينتميان إلى نفس المجتمع. ومن خلال المساعدة التي تلقياها من موقع التمويل الجماهيري Kickstarter، سوف يقدمان رعاية صحية ومساعدات تعليمية إلى الحرفيين وعائلاتهم.

 

وقّاس علي، إلى اليسار، وسيدرا قاسم إلى اليمين، مع أحد الإسكافيين التقليديين. (بالإذن من مارخور)
وقّاس علي، إلى اليسار، وسيدرا قاسم إلى اليمين، مع أحد الإسكافيين التقليديين. (بالإذن من مارخور)

تعتزم شركة مارخور إدخال هذا الإحساس بالانتماء للمجتمع الأهلي على الانترنت. فهي تنشئ منبرًا يستطيع من خلاله الزبائن والحرفيون تبادل التجارب، وإقامة أنواع الاتصالات التي كانت موجودة منذ زمن طويل، حينما كان الناس يعرفون شخصيًا من يصنع أحذيتهم.

قالت سيدرا: “إن جدّي … كان يعرف شخصيًا من يصنع حذاءه.” والواقع أن زيارة دكان الإسكافي كانت في ما مضى حدثًا مألوفًا مثل زيارة دكان العطّار أو الحلاق. تبدأ الزيارة عادة بسلام حار وسؤال من المشتري عن صحة أهل البائع وأقاربه. بعدذاك تبدأ جولة المساومة، وفيها ينبري الطرفان في مناظرة حماسية يحاول كل منهما إظهار أكبر قدر من البراعة والدهاء. البائع يشيد ويطنب في محاسن صناعته وقوة صمودها على الدروب الوعرة، والمشتري يتوسل ضيق ذات الحال ويشكو غلاء الثمن. ثم تنتهي المساومة بالتوصل إلى سعر يقبل به البائع على مضض وتتهلّل له أسارير المشتري، خاصة عندما يلمح قدوم كوب الشاي المعطّر بالنعناع.

اكتسب علي وسيدرا تجربة قيّمة في القمة العالمية السنوية لريادة الأعمال، حيث وصلا إلى نهائيات مسابقة جائزة الإبداع العالمي عبر العلوم والتكنولوجيا  (GIST) في المباراة المسمّاة: الفكرة التكنولوجية (Tech I). ومن المقرر أن تعقد قمة العام 2014، إذا كنت راغبًا في تتبّع خطوات هذا الثنائي، في الفترة بين 19 و21 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في مراكش، المغرب.

وقديمًا قيل: من رتق نعل حذائك وقاك من أشواك الزمن.