أعلن الرئيس أوباما يوم 16 آذار/مارس عن ترشيحه ميريك غارلاند للمحكمة العليا، وبذلك يكون قد اختار قاضيًا فدراليًا متمرّسًا بما اكتسبه من خبرة أولا في منصب النائب العام تلتها 18 سنة في القضاء. وُلد غارلاند ونشأ في إلينوي. وهو خرّيج كلية الحقوق بجامعة هارفارد العريقة. متزوج وله ابنتان.
يشغل غارلاند حاليًا منصب كبير القضاة في محكمة الاستئناف بمقاطعة كولومبيا (العاصمة واشنطن).

وكانت وفاة قاضي المحكمة العليا الأميركية أنطونين سكاليا في 13 شباط/فبراير الفائت، قد أدّت إلى وجود منصب شاغر في المحكمة العليا الأميركية.
ولكي يشغل غارلاند هذا المقعد الشاغر، لا بد أن يحظى بموافقة أغلبية الأصوات في مجلس الشيوخ الأميركي.
شارك غارلاند في بعض أهم القضايا الجنائية التي نظرتها المحاكم الأميركية، بما فيها محاكمة تيموثي ماكفاي وتيري نيكولز في حادث تفجير المبنى الفدرالي بمدينة أوكلاهوما سيتي الذي أدى إلى مقتل 168 شخصًا.
يمضي القاضي غارلاند أوقات فراغه مع عائلته في ممارسة التزحلق على الجليد والمشي في الأماكن الطبيعية والغابات، وتجديف القوارب الطويلة الخفيفة. وقد زار مع الأسرة معظم المتنزهات القومية في الولايات المتحدة.
للحصول على مزيد من المعلومات عن غارلاند، يمكن مشاهدة هذا الفيديو.
المبادئ الديمقراطية وراء هذا الترشيح
ينص الدستور الأميركي على ضرورة انتخاب الرئيس وأعضاء الكونغرس لتولي مناصبهم، على أن يخدموا لفترات محدّدة (ست سنوات لأعضاء مجلس الشيوخ؛ سنتان لأعضاء مجلس النواب؛ وأربع سنوات للرئيس الذي يمكن إعادة انتخابه مرة واحدة فقط). أما قضاة المحكمة العليا– شأنهم شأن معظم القضاة في الحكومة الفدرالية– فإن تعيينهم للخدمة في مناصبهم يكون لمدى الحياة. ما سبب ذلك؟
كان واضعو الدستور يؤمنون بأن من الأهمية بمكان ألا يخشى القضاة، بالتحديد، من اتخاذ القرارات التي لا تحظى بشعبية. لذا قرّروا ألا يكون الانتخاب هو أسلوب اختيار أعضاء السلطة القضائية الفدرالية.
وفي الورقة “الفدرالية رقم 76،” وهي واحدة من مجموعة من المقالات التي نشرت في القرن الثامن عشر لإقناع الأميركيين باعتماد الدستور الجديد المقترح، رفض ألكسندر هاملتون جعل الكونغرس يقوم باختيار القضاة (والسفراء، وغيرهم ممن يشغلون المناصب العامة). فإن ذلك، طبقًا لما كتبه، من شأنه أن يخلق الكثير من المساومات السياسية بين المشرّعين.

ودافع عن هذا الرأي بقوله، إنه من الأفضل أن يتولى الرئيس مهمة القيام باختيارهم. وفي هذه الحالة، يقول هاملتون في مقاله، فإن جودة المرشح تنعكس مباشرة على سمعة الرئيس بالتحديد، و”بطبيعة الحال، تولد شعورًا أكثر حيوية بأداء الواجب، وحرصًا واهتمامًا أكثر دقة” في عملية الاختيار.
ولكن الدستور أيضًا يضع ضوابط لتحقيق التوازن بين الفروع الثلاثة للحكومة؛ وبما أنه سمح للرئيس بتعيين قضاة المحكمة العليا بمفرده، فإن نفوذه وسلطته قد تكون كبيرة جدًا، وقد يكون الإغراء كبيرًا لكي يعيّن السياسيين المفضلين لديه في مناصب القضاة.
وأوضح هاملتون أن السماح للسلطة التشريعية بالتصديق على مرشحي الرئاسة، “سيكون بمثابة كابح ممتاز لروح المحسوبية لدى الرئيس، وسوف يؤدي إلى حد كبير لمنعه من تعيين شخصيات غير مؤهلة، ممّن تتحيز لهم الدولة، أو ممّن تربطهم به علاقات أسرية، أو علاقات شخصية، أو لمجرّد رغبته في تحقيق شعبية.”
ما هي الخطوة التالية؟
لقد صدّق مجلس الشيوخ منذ العام 1789، على حوالى ثلاثة أرباع المرشّحين للمحكمة العليا. وعادةً ما يَمْثُل المرشحون قبل التصويت على المصادقة عليهم، أمام لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ، حيث يقومون بالإجابة على أسئلة يطرحها عليهم أعضاء اللجنة. وقد دأب المرشحون، في السنوات الأخيرة، على شرح فلسفتهم القضائية، ولكنهم عمومًا كانوا يرفضون التصريح بالأحكام التي قد يصدرونها في قضايا محدّدة. وهذه الإجراءات تكون مفتوحة ومتاحة للجمهور، وتغطيها وسائل الإعلام على نطاق واسع، وتبث بالكامل على شاشات التلفزيون.

وإلى أن يصدّق مجلس الشيوخ على المرشّح الذي سيشغل مقعد القاضي سكاليا، سيظل عدد القضاة الأعضاء في المحكمة العليا ثمانية قضاة فقط. وفي حال انقسم قضاة المحكمة العليا إلى فريقين متساويين في قضية ما، في هذه الحالة سيصبح قرار المحكمة الأدنى في هذه القضية هو القرار الذي يتم تطبيقه.