غرف الفنادق في البلدات والمدن الأميركية عبر منطقة تبدو كشريط ممتد من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة تم حجزها عن آخرها ولم يعد هناك غرفة واحدة شاغرة. والمسؤولون يحذرون من الفوضى المرورية التي قد تحدث. والمنظمات في جميع أنحاء البلاد تقوم بتوزيع الملايين من النظارات المعتمة جدًا استعدادًا للحدث المرتقب.
لقد أصبح كسوف الشمس المقرر حدوثه يوم 21 آب/أغسطس حدثًا قوميًا فى الولايات المتحدة الأميركية عندما يتحول النهار إلى ليل لبضع دقائق بالنسبة لمن يعيشون أو يتجمعون فى أماكن تقع على طول خط الظل الذى يبلغ إجمالي طوله خلال اجتياحه البلاد 113 كيلومترًا.
وجدير بالذكر أن نحو 12 مليون شخص يعيشون في المسار المباشر لحدوث الكسوف، وملايين آخرون يتدفقون أفرادًا وأفواجًا لرؤيته.
بالنسبة لمعظم الأميركيين، سيكون الحدث بمثابة تجربة يعيشها المرء مرة واحدة في العمر، إذ يعيد التأكيد مجددًا على القوة العظيمة للكون وآلياته المعقدة. وبالنسبة للعديد من العلماء، سيكون الكسوف فرصة نادرة لجمع البيانات التي لا يمكن الوصول إليها في أي وقت آخر.
قالت وكالة الفضاء الأميركية، ناسا، التي ستستضيف بثا مباشرا للكسوف يبدأ في الساعة 16:00 بالتوقيت العالمي من يوم 21 آب/أغسطس، “إن الطريق الطويل بشكل استثنائي على سطح الأرض الذي يشهد هذا الكسوف سوف يوفر فرصة غير مسبوقة للدراسات المتعددة التخصصات عن الشمس والقمر والأرض وتفاعلاتها معًا.”
Eclipses = historic science. Past eclipses enabled scientists prove Einstein’s theory of general relativity & more: https://t.co/lXavPVU76a pic.twitter.com/Kycz0svzFI
— NASA (@NASA) August 16, 2017
أعلاه، تغريدة لوكالة ناسا باللغة الإنجليزية تقول: الكسوف يساوي العلم على مرّ التاريخ. لقد مكّنت ظواهر الكسوف السابقة العلماء من إثبات نظرية النسبية العامة لأينشتاين، وأكثر من ذلك.
وستقوم 11 مركبة فضائية، وأكثر من 50 منطادًا بتمويل من وكالة ناسا تحلق على ارتفاعات عالية، والعديد من محطات الرصد الأرضية والمتطوعين الذين يعملون معًا، باستخلاص ثروة من الصور والبيانات من خلال إجرائهم القياسات المستمرة للشمس وآثار الكسوف على الأرض. وستقوم طائرتان نفاثتان لوكالة ناسا برصد الكسوف الكلي الواقع في شهر آب/أغسطس.
وأحد مجالات البحث والدراسة ستكون الأجزاء السفلى من الغلاف الجوي للشمس، أو الهالة الشمسية. فالمعلومات حول الهالة الشمسية هي المفتاح لفهم العديد من العمليات الشمسية، بما في ذلك السبب في كون الغلاف الجوي للشمس أكثر سخونة بكثير من سطحها. وقد يساعد ذلك على تفسير العملية التي ترسل من خلالها الشمس تيارا ثابتا من المواد والإشعاعات الشمسية التي يمكن أن تسبّب تغيرات في طبيعة الفضاء وتؤثر على المركبات الفضائية ونظم الاتصالات ورواد الفضاء المداريين.
الاندفاع المجنون للحصول على ‘نظارات الكسوف’

وزعت المنظمات أعدادًا كبيرة من “نظارات الكسوف”، وهي نظارات ذات عدسات معتمة جدًا لحماية العين من أشعة الشمس، إلا أن النظارات سرعان ما أصبحت شحيحة مع اقتراب الحدث.
وقد قام معهد علوم الفضاء، بالتعاون مع وكالة ناسا ومع شركة غوغل وغيرها، بإرسال أكثر من مليوني نظارة شمسية واقية من الكسوف لتوزيعها على ما يقرب من 7000 مكتبة عامة في جميع أنحاء البلاد، ولكنها ما لبثت أن تخاطفها الناس ونفدت الإمدادات بسرعة من المتاجر.
ومن المقرر أن تقيم المرافق الجوية والفضائية التابعة لمؤسسة سميثسونيان في واشنطن العديد من الأنشطة والفعاليات يوم 21 آب/أغسطس الجاري، بما في ذلك المساعدة على “تمكينكم من صنع ثقوب مناظير الكسوف الخاصة بكم” بحيث يمكن للناس مشاهدة الكسوف بأمان.
حتى المسافرين الذين أعدوا أنفسهم إعدادًا جيدًا، ولديهم غرف محجوزة، ونظارات كسوف متاحة لهم وأماكن مشاهدة منظمة، لا يزالون يواجهون معضلة واحدة من عدم اليقين مع اقتراب موعد الكسوف يوم 21 آب/أغسطس الحالي: ألا وهي الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به على كوكب الأرض. إذ من البديهي أن تحجب الغيوم هذا العرض السماوي البديع، رغم أن ذلك لن يضعف تأثير الظلام الذي سيحل بالأرض عند الأصيل.
إذ من المقرر أن تتفاوت الأحوال الجوية على طول مسافة مسار الكسوف البالغة 4800 كيلومتر، كما أن مواقع الأرصاد الجوية تشهد حركة كثيفة من قبل روادها. إذ يبتهل الملايين من عشاق النظر في السماء لأجل الحصول على استراحة من أنماط العواصف الرعدية الموسمية المعتادة في الغرب الأوسط والساحل الشرقي.
وسوف يكون هذا أول كسوف للشمس يمكن مشاهدته في أي ولاية ما عدا ألاسكا منذ العام 1979. وستكون المناسبة القادمة للكسوف العام 2024 حيث سيمكن مشاهدته في 14 ولاية جنوبية وشرقية. تجدر الإشارة إلى أنه يحدث كسوف على الأرض للشمس كل 18 شهرا. تقريبا.
هذا المقال بقلم الكاتب المستقل ديفيد ستوري.