خلال حياته المهنية، تمكن الطيار بوب هوفر من النجاة من الوقوع في الأسر بين أيدي النازيين في طائرة مسروقة، وأجرى اختبارًا لطائرة أسرع من الصوت، وقام بعبور العالم مرات عديدة بوصفه مؤدي حركات بهلوانية مذهلة، إلا أن إحدى تجاربه التي شكلت “إرضاءً شخصيًا له” كانت ما وصفها “بالمغامرة الاستثنائية فوق موسكو.”

توفي هوفر في 25 تشرين الأول/أكتوبر عن 94 عامًا، ووصف في بيان نعيه بأنه أحد قدامى المحاربين الأكثر شهرة في أميركا، وأنه أسطورة بحق.

وفي حين أن الباقين على قيد الحياة من أسرته ربما لم يكونوا موجودين لمشاهدة مغامرته في موسكو، “فلا بد أنهم سمعوا بها”. وقد حدثت في العام 1966، عندما كان هناك أكثر من مليون متفرج سوفيتي وصحفي من حول العالم متجمعين في مطار توشينو لمشاهدة الاحتفالات الختامية لمسابقة الاستعراضات الجوية الدولية. قام هوفر، الذي كان يقود طائرة ياكوفليف- 18 كجزء من فريق الاستعراضات الجوية الأميركية، باستعراضات بهلوانية تأسر الأنفاس. ولكن بعضًا من مناوراته – ولا سيما التحليق رأسًا على عقب وتنفيذ التفافات مذهلة– كان يخالف أنظمة الاتحاد السوفييتي.

وفي حين أن أسلوب طيران هوفر أثار إعجاب الجمهور السوفييتي– إذ “كان الناس يلوحون بأيديهم في الهواء، ويهتفون بصوت عال، ثم يهرعون نحو طائرته،” حسبما جاء في السيرة الذاتية لهوفر– إلا أن ذلك أغضب السلطات السوفييتية.

أُوقف هوفر وأدخل إلى سيارة أحد المسؤولين السوفييت، ونقل إلى الفندق الذي يقيم فيه واحتُجز في غرفة تحت حراسة اثنين من الجنود المسلحين. وقيل لهوفر عبر مترجم، “عند هذه النقطة، عليك أن تعتبر نفسك معتقَل”.

بعد بضع ساعات، أنزل الجنود هوفر إلى ردهة الفندق حيث مروا بجانب مأدبة تحتفل باختتام العرض الجوي، حيث، ولحسن الحظ، كان رائد الفضاء يوري غاغارين، أول إنسان في الفضاء، يلقي كلمة.

قبل ذلك بعام، في العام 1965، تعرّف هوفر على غاغارين خلال عرض جوي دولي خارج باريس. وعلى الرغم من حاجز اللغة، أقام الاثنان علاقة سريعة. قال هوفر عن غاغارين، “كنت أكن له الكثير من الاحترام. يتطلب الأمر قدرًا كبيرًا من الشجاعة وقوة التصميم لمواجهة التحدي الخطير لكي تكون أول رجل يدور حول الأرض.”

كانت محطة تلفزيون فرنسية قد أنتجت برنامجًا عن هذين الطيارين. تضمن التقرير أعمالهما الجريئة وسلط الضوء على احترامهما لبعضهما البعض وصداقتهما المتطورة حديثًا، حتى أن البرنامج عرض لقطات لهما وهما يتزلجان على الماء معًا.

لم يكن هوفر يعرف وقت تصوير البرنامج في ذلك العام أن قربهما في هذا الفندق سوف يلعب دورًا حاسمًا في حياته.

“انحنيت لأبعد رأسي عن الحراس الذين يحتجزونني لألقي نظرة عليه”، كما يتذكر هوفر في سيرته الذاتية. “ولحسن الحظ، أنه رآني أيضًا.”

هرع غاغارين إلى هوفر، وسحبه من الحراس، الذين لم يتجرأوا على معارضة أحد أعظم أبطال الاتحاد السوفييتي، وفي لمح البصر أصبح هوفر على المسرح بجانب غاغارين.

ويفيد كتاب هوفر أن رائد الفضاء السوفييتي تحدث إلى الجماهير فقال:

“إنني أتساءل ماذا يفعل الحراس هنا. السيد هوفر طيار عظيم. ما الذي يحدث هنا؟ ماذا سيفعلون به؟”

وعندما بدأ الجمهور بالهتاف، التقط غاغارين هوفر وعانقه لوداعه”. أما بالنسبة للمسؤولين السوفييت  فقد “بدا أنهم استسلموا ونزلوا عند رغبة [غاغارين].” وفي صباح اليوم التالي، غادر هوفر في رحلة على متن طائرة إيروفلوت إلى النرويج وأصبح في طريق العودة إلى الولايات المتحدة.

والباقي  أصبح الآن من التاريخ.